مسالة ٦٠٧ : هذا كلّه فيما إذا اتّفقا على وقوع عقد صحيح بينهما ، أمّا لو اختلفا من غير الاتّفاق على عقد صحيح بأن يدّعي أحدهما صحّة العقد والآخر فساده ـ كما لو قال : بعتك بألف ، فقال المشتري : بل بألف وزقّ (١) خمر ، أو قال أحدهما : شرطنا في العقد خيارا مجهولا أو غيره من الشروط المبطلة ، وأنكر الآخر ـ فلا تحالف ، ويقدّم قول مدّعي الصحّة ـ وهو أحد قولي الشافعي (٢) ـ لأنّ الظاهر من العقود الجارية بين المسلمين الصحّة ، ولهذا يحكم بصحّة البيع لو ادّعى المشتري حرّيّة العبد المبيع ، وقال المالك : بل هو عبد ، تصحيحا للعقد.
وكذا من شكّ بعد الصلاة هل ترك ركنا منها أم لا ، فإنّه يحكم بصحّة صلاته بناء على أصالة الصحّة.
والقول الثاني : أنّه يقدّم قول من يدّعي فساد العقد مع يمينه ، لأنّ الأصل عدم العقد الصحيح وبقاء الملك للمالك ، فصار كما لو اختلفا في أصل البيع (٣).
ويعارض بأنّ الأصل عدم العقد الفاسد أيضا ، لكن قد وقع العقد بينهما قطعا ، والأصل الصحّة.
قال القفّال : الأصل المأخوذ فيمن قال : لفلان عليّ ألف من ثمن خمر ، هل يؤخذ بأوّل كلامه أم يقبل قوله : من ثمن خمر؟ إن قلنا بالثاني ،
__________________
(١) الزّقّ : السقاء ، أو الذي تنقل فيه الخمر. لسان العرب ١٠ : ١٤٣ « زقق ».
(٢) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥٠٤ ، حلية العلماء ٤ : ٣٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣٢.
(٣) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥٠٤ ، حلية العلماء ٤ : ٣٣٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٧٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٣٢.