وهذا التّنقل بين موتتين وحياتين دليل على قدرة الله تعالى ، ودليل على وجود ما يسمى بالبرزخ : وهو الحدّ الفاصل بين الدنيا والآخرة ، والبرزخ حياة ذات طبيعة خاصة في عالم القبور.
ثم ذكّرنا القرآن الكريم بمظهر آخر من مظاهر قدرة الله ، عزوجل ، وهو خلق جميع ما في الأرض لخدمة الإنسان ، بما فيها من كنوز وخيرات وتمكّن من استخدام موجودات الدنيا من ذرة وكهرباء وأثير ، نمتطي به عالم الطيران ونحلّق في سفن الفضاء ، ونكتشف عوالم النجوم والكواكب السّيارة كالقمر والزهرة والمريخ. ومن مظاهر قدرة الله وعظمته خلق السموات السبع التي رفعها الله بقدرته ، وأودع فيها دقائقه وأسراره ، وعلّم الله مخلوقاته تلك الأسرار ، قال الله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى (١) إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ (٢) سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٩)) [البقرة : ٢ / ٢٩].
وهذه الآية تقتضي أن الأرض وما فيها خلقت قبل السماء ، وذلك صحيح ، ثم دحيت الأرض بعد خلق السماء. وعلى الناس أن يتأملوا في عظمة الكون ليتوصلوا إلى الإيمان بربّ السماوات والأرض وما فيهن ، وأن الله على كل شيء قدير.
الإنسان خليفة الأرض وسجود الملائكة لآدم
كرّم الله تعالى الإنسان باختيار آدم خليفة في الأرض ، وتعليمه اللغات التي لا تعلمها الملائكة ، وأمر الملائكة بالسجود له سجود تحية وتكريم ، لا سجود عبادة وتعظيم. وكل ذلك لتكريم النوع الإنساني ، وتكليفه وتشريفه بعمارة الدنيا وتقدم
__________________
(١) قصد إليها بإرادته.
(٢) أتمهن وقوّمهن.