للإيمان ونظام الحياة ، لقوم يعلمون طرق الدلالة على الخالق ومنافع الحياة ، ويميزون بين الحق والباطل. وإنما خص تفصيل ذلك بالعلماء ، لأن نفع التفصيل وإدراكه فيهم ظهر ، وعليهم أضاء.
ودليل آخر على قدرة الله تعالى وهو تعاقب الليل والنهار ، إذا جاء هذا ذهب هذا ، وإذا ذهب هذا جاء هذا ، لا يتأخر عنه شيئا ، وفي تفاوتهما أيضا عبرة ، فيظهر طولهما وقصرهما بحسب مواقع الأرض من الشمس ، وما لهما من نظام دقيق ، وما فيهما من برودة وحرارة ، يعود نفع كل ذلك للإنسان الذي جعل الله له الليل لباسا وسكنا ، والنهار معاشا وحركة وتقلبا ، ويعود نفعه أيضا للحيوان والنبات.
ومن أدلة القدرة الإلهية أيضا : ما خلق الله في السماوات والأرض من أحوال الجماد والنبات والحيوان ، وأحوال الرعود والبروق والسحب والأمطار ، وأحوال البحار من مد وجزر ، وأحوال المعادن من خواص وتركيب ومنافع في البناء والحياة وتقدم المدينة والحضارة.
إن في ذلك كله لآيات ودلائل دالة على وجود الله ووحدانيته وقدرته ، وحكمته وعظمته ، وكمال علمه ، لقوم يتقون مخالفة سنن الله في التكوين ، وسننه في التشريع ، فسنة الحياة المادية الحفاظ على الصحة ، وسنة الحياة المعنوية الاستقامة ، من أفسدها وخالفها أساء لنفسه ، وكل من لم يتق عقاب الله وسخطه وعذابه ، بارتكابه المعاصي ومخالفة السنن ، عوقب على ذلك في الدنيا والآخرة. وخص الله تعالى هنا القوم المتقين تشريفا لهم ، إذ الاعتبار فيهم يقع ، وتأملهم فيها أدق وأفضل من تأملات من لم يهتد ولا اتقى.