فوظيفة «إياك نعبد» على القلب قبل الجوارح فإذا جهلها وترك القيام بها امتلأ بأضدادها ولا بد. وبحسب قيامه بها يتخلص من أضدادها.
وهذه الأمور ونحوها قد تكون صغائر في حقه ، وقد تكون كبائر بحسب قوتها وغلظها وخفتها ودقتها.
ومن الصغائر أيضا : شهوة المحرمات وتمنيها ، وتفاوت درجات الشهوة في الكبر والصغر ، بحسب تفاوت درجات المشتهي ، فشهوة الكفر والشرك : كفر ، وشهوة البدعة : فسق ، وشهوة الكبائر : معصية ، فإن تركها لله مع قدرته عليها أثيب. وإن تركها عجزا عن بذله مقدورة في تحصيلها : استحق عقوبة الفاعل ، لتنزله منزلته في أحكام الثواب والعقاب ، وإن لم ينزل منزلته في أحكام الشرع ، ولهذا قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما ، فالقاتل والمقتول في النار ، قالوا : هذا القاتل يا رسول الله ، فما بال المقتول؟ قال : إنه كان حريصا على قتل صاحبه» (١) فنزله منزلة القاتل ، لحرصه في الإثم دون الحكم ، وله نظائر كثيرة في الثواب والقلب.
وقد علم بهذا مستحب القلب ومباحه.
فصل
وأما عبوديات اللسان الخمس : فواجبها : النطق بالشهادتين ، وتلاوة ما يلزمه تلاوته من القرآن. وهو ما يتوقف صحة صلاته عليه ، وتلفظه بالأذكار الواجبة في الصلاة التي أمر الله بها ورسوله ، كما أمر بالتسبيح في الركوع والسجود ، وأمر بقول : «ربنا ولك الحمد» بعد الاعتدال الواجبة بالتشهد ، وأمر بالتكبير.
ومن واجبه : رد السلام. وفي ابتدائه قولان. ومن واجبه : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتعليم الجاهل ، وإرشاد الضال ، وأداء
__________________
(١) أخرج النسائي حديثا مقاربا له ٧ / ١٢٤.