أهدافه إن خيرا وإن شرا ، الأمر الذي جعل من سوق الكذب والتزوير في التفسير والحديث رابحة ذلك العهد.
وقد بدئ ذلك على يد معاوية ، حيث كان يجعل الجعائل على وضع الحديث أو قلبه تمشية لسياسته الغاشمة ذلك الحين (١) ، وراج ذلك طول عهد الأمويين وبعدهم العباسيين ؛ حيث أخذ بالتوسع والاطّراد.
قال الأستاذ الذهبي : وكان مبدأ ظهور الوضع في سنة إحدى وأربعين بعد وفاة الإمام أمير المؤمنين حين اختلف المسلمون سياسيّا ، وتفرّقوا شيعا ، ووجد من أهل البدع والأهواء من روّجوا لبدعهم وتعصّبوا لأهوائهم. ودخل في الإسلام من تبطّن الكفر والتحف الإسلام بقصد الكيد له وتضليل أهله. فوضعوا ما وضعوا من روايات باطلة ليصلوا بها إلى أغراضهم السيئة ورغباتهم الخبيثة (٢).
قال الأستاذ أبو ريّة : وقد أجمع الباحثون والعلماء المحققون ، على أنّ نشأة الاختراع في الرواية ووضع الحديث على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنما كان في أواخر عهد عثمان وبعد الفتنة التي أودت بحياته ، ثم اشتد الاختراع واستفاض بعد مبايعة الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام فإنه ما كاد المسلمون يبايعونه بيعة تامّة ، حتى ذرّ قرن الشيطان الأموي ليغتصب الخلافة من صاحبها ، ويجعلها حكما أمويا. وقد كان وا أسفاه! (٣)
وفي ذلك يقول الإمام الشيخ محمد عبده : وتوالت الأحداث بعد الفتنة
__________________
(١) راجع : شرح النهج لابن أبي الحديد ، ج ٤ ، ص ٦٣ ، وسيأتي ذلك عند الكلام عن الوضع للسياسة.
(٢) التفسير والمفسرون ، ج ١ ، ص ١٥٨.
(٣) أضواء على السنّة المحمّدية ، ص ١١٨.