القول ، ويخزن الفعل ، ويرفع الأشرار ، ويوضع الأخيار ، وأن تقرأ المثناة على رءوس النّاس ، لا تغيّر ، قيل : وما المثناة (١)؟ قال : ما استكتب من غير كتاب الله ، قيل له : فكيف بما جاء من حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قال : ما أخذتموه عمّن تأمنونه على نفسه ودينه فاعقلوه ، وعليكم بالقرآن فتعلّموه ، وعلّموه أبناءكم ؛ فإنّكم عنه تسألون ، وبه تجزون ، وكفى به واعظا لمن عقل (٢) ؛ وقال رجل لعبد الله بن مسعود (٣) : أوصني ، فقال : إذا سمعت الله تعالى يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فأرعها سمعك ؛ فإنّه خير يأمر به ، أو شرّ ينهى عنه (٤) ، وروى أبو هريرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم سئل عن أحسن النّاس قراءة أو صوتا بالقرآن فقال : «الّذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى» (٥) ، وقال صلىاللهعليهوسلم : «اقرءوا بالقرآن قبل أن يجيء قوم يقيمونه كما يقام القدح (٦) ، ويضيّعون معانيه ، يتعجّلون أجره ، ولا
__________________
(١) قال العلامة ابن الأثير : وقيل : إن المثناة هي أن أحبار بني إسرائيل بعد موسى ـ عليهالسلام ـ وضعوا كتابا فيما بينهم على ما أرادوا من غير كتاب الله ، فهو المثناة ، فكأن ابن عمرو كره الأخذ عن أهل الكتاب ، وقد كانت عنده كتب وقعت إليه يوم اليرموك منهم ، فقال هذا لمعرفته بما فيها.
قال الجوهري : «المثناة» هي التي تسمى بالفارسية دوبتي ، وهو الغناء. ينظر : «النهاية في غريب الحديث والأثر» (١ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦)
(٢) أخرجه الدارمي (١ / ١٢٣) ، باب : من لم ير كتابة الحديث.
(٣) هو : عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن سمع بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن الحرث بن تيم بن سعد بن هذيل أبو عبد الرحمن الهذلي. حليف بني زهرة.
قال له النبي صلىاللهعليهوسلم في أول الإسلام «إنك غلام معلم» وقال هو : لقد رأيتني سادس ستة ، وما على الأرض مسلم غيرنا ، وكان يقول أخذت من في رسول الله صلىاللهعليهوسلم سبعين سورة ، وهو أول من جهر بالقرآن بمكة. توفي سنة : ٣٢ ، وقيل : ٣٣ ، وقيل : توفي بالمدينة ، وقيل : بالكوفة ، والأول أرجح.
ينظر ترجمته في : «أسد الغابة» (٣ / ٤٨٤) ، «الإصابة» (٤ / ١٢٩) ، «الثقات» (٣ / ٢٠٨) ، «الاستبصار» (٦٥ ، ١٣٩) ، «تجريد أسماء الصحابة» (١ / ٣٣٤) ، «الأعلام» (٤ / ١٣٧) ، «التاريخ الصغير» (١ / ٦٠) ، «الجرح والتعديل» (٥ / ١٤٩) ، «العبر» (١ / ٢٥) ، «حلية الأولياء» (١ / ٣٧٥) ، «سير أعلام النبلاء» (١ / ٤٦١)
(٤) أخرجه أحمد في «الزهد» (ص ٢٣١) رقم (٨٦٤) وابن المبارك في «الزهد» (ص ١٢) رقم (٣٦) وسعيد بن منصور رقم (٥٠) وابن أبي حاتم في «تفسيره» كما في «تفسير ابن كثير» (٢ / ٢) وأبو نعيم في «الحلية» (١ / ١٣٠).
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ١٩٥) ولكن عن ابن عباس وأظنه خطأ من الطابع أو الناسخ وزاد نسبته إلى أبي عبيد في «فضائله» والبيهقي في «شعب الإيمان».
(٥) أخرجه عبد الرزاق (٢ / ٤٨٨) رقم (٤١٨٥) عن طاوس مرسلا.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٧ / ١٧٣) من حديث ابن عمر وعزاه للطبراني في الأوسط وقال : وفيه حميد بن حماد بن حوار وثقه ابن حبان وقال : ربما أخطأ وبقية رجاله رجال الصحيح.
(٦) القدح : السهم قبل أن ينصّل ويراش. ينظر : «لسان العرب» (٣٥٤٢)