المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الأول بلا أولٍ كان قبله ، والاخر بلا آخرٍ يكون بعده ، الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين ، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين ، تحيرت العقول في كنه معرفته ، ونضبت البحور في بحر هويته ، الذي خلق الخلائق بقدرته ، وجعلهم آية لربوبيته ونصب لهم الأدلة الواضحة ، والحجج اللائحة ، وبعث إليهم أنبياء ، وجعلهم سفراء بينه وبينهم ، يرغبونهم في جزيل ثوابه ، ويرهبونهم من شديد عقابه ( لِئَلا يكونَ للنَّاس على الله حًجَةٌ بَعْدَ الرُّسُلَ ) (١).
والصلاة على خاتم أنبيائهِ ، وسيد أصفيائه ، محمّد النبّي وآله الطاهرين ، النجوم الزاهرة والحجج اللامعة ، الذين جعلهم الله تعالى معصومين من الخطأ ، مأمونين عليهم عن السهو في السراء والضراء ، ليأمن بذلك من يفزع إليهم من التغيير في الدِّين ، ويحصل لهم فيما سألهم العلم اليقين.
أما بعد :
فاني مذ كنت ابن عشرين ، حتى ذرف سني إلى خمسين ، متشوق إلى جمع كتاب يشتمل فصولاً جامعة للزهد والموعظة ، والترغيب والترهيب ، من الأخبار المنقولة عن الأئمة الأطهار ، والاثار المأثورة عن الرواة الأخيار ، محجوجة بالقرآن ، متأيدة بالبرهان ، مضبوطة بالإسناد ، مربوطة بالارشاد ،
__________________
(١) النساء ٤ : ١٦٥.