قال ع (١) : ففي ذلك اليوم عيدان للإسلام ، إلى يوم القيامة ، وإتمام النعمة هو في ظهور الإسلام ، ونور العقائد ، وكمال الدّين ، وسعة الأحوال ، وغير ذلك ممّا اشتملت عليه هذه الملّة الحنيفيّة إلى دخول الجنّة ، والخلود في رحمة الله سبحانه ، جعلنا الله ممّن شملته هذه النعمة.
وقوله سبحانه : (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) : يحتمل الرضا في هذا الموضع ؛ أن يكون بمعنى الإرادة ، ويحتمل أن يكون صفة فعل عبارة عن إظهار الله إياه ؛ لأنّ الرضا من الصفات المتردّدة بين صفات الذّات وصفات الأفعال ، والله تعالى قد أراد لنا الإسلام ، ورضية لنا ، وثمّ أشياء يريد الله وقوعها ولا يرضاها.
وقوله سبحانه : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ) ، يعني : من دعته ضرورة إلى أكل الميتة ، وسائر تلك المحرّمات ، وسئل صلىاللهعليهوسلم ، متى تحلّ الميتة للنّاس؟ فقال : «إذا لم يصطبحوا ، ولم يغتبقوا (٢) ، ولم يحتفئوا (٣) بقلا (٤)». والمخمصة : المجاعة التي تخمص فيها البطون ، أي : تضمر.
وقوله سبحانه : (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) هو بمعنى : (غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) [البقرة : ١٧٣] وقد تقدّم تفسيره.
قال ص : متجانف : أي : مائل منحرف. انتهى ، وقد تقدّم في «البقرة».
(يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٤)
وقول تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ) : سبب نزولها أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم / لمّا أمر بقتل
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٢ / ١٥٤)
(٢) تفتعلوا من الغبوق ، وهو شرب آخر النهار مقابل الصّبوح.
ينظر : «النهاية» (٣ / ٣٤١)
(٣) قال أبو عبيد : هو من الحفأ ، مهموز مقصور ، وهو أصل البرديّ الأبيض الرطب منه ، وقد يؤكل. يقول : ما لم تقتلعوا هذا بعينه فتأكلوه. ينظر : «النهاية» (١ / ٤١١)
(٤) أخرجه أحمد (٥ / ٢١٨) ، والحاكم (٤ / ١٢٥) ، والبيهقي (٩ / ٣٥٦) من طريق حسان بن عطية ، عن أبي واقد الليثي به.
وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين. ولم يخرجاه.
وقال الذهبي : فيه انقطاع.