مالك إلى أنّ المحصنات في هذه الآية الحرائر (١) ، فمنعوا نكاح الأمة الكتابيّة ، / وذهب جماعة إلى أنهنّ العفائف ، فأجازوا نكاح الأمة الكتابيّة ، والأجور في الآية : المهور ، وانتزع بعض العلماء من لفظ : (آتَيْتُمُوهُنَ) ؛ أنّه لا ينبغي أن يدخل زوج بزوجته إلّا بعد أن يبذل من المهر ما يستحلّها به ، و (مُحْصِنِينَ) : معناه : متزوّجين على السّنّة.
وقوله سبحانه : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ) : أي : بالأمور التي يجب الإيمان بها ، وباقي الآية بيّن.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(٦)
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ...) الآية : قال ابن العربيّ : في «أحكامه» (٢) : لا خلاف بين العلماء أنّ هذه الآية مدنيّة ؛ كما أنه لا خلاف أنّ الوضوء (٣) كان معقولا قبل نزولها غير متلوّ ؛ ولذلك قال علماؤنا : إنّ الوضوء كان بمكّة سنّة ، ومعناه : كان مفعولا بالسّنّة ، وقوله : (إِذا قُمْتُمْ) : معناه : إذا أردتّم القيام
__________________
(١) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (٢ / ١٥٩)
(٢) ينظر : «أحكام القرآن» (٢ / ٥٥٨)
(٣) والوضوء بضم الواو : الفعل ، وبفتحها : الماء المتوضّأ به ، هذا هو المشهور ، وحكي الفتح في الفعل ، والضّمّ في الماء ، وهو في اللغة : عبارة عن النّظافة والحسن والنّقاوة.
ينظر : «لسان العرب» (٦ / ٤٨٥٤ ، ٤٨٥٥) ، «تهذيب اللغة» (١٢ / ٩٩) ، «ترتيب القاموس المحيط» (٤ / ٦٢٢).
واصطلاحا :
عرفه الحنفية بأنه : الغسل والمسح في أعضاء مخصوصة.
وعرّفه الشّافعيّة : استعمال الماء في أعضاء مخصوصة مفتتحا بنيّة.
وعرفه المالكية بأنه : إزالة النّجس ، أو هو رفع مانع الصلاة.
وعرفه الحنابلة بأنه : استعمال الماء الطّهور في الأعضاء المخصوصة ، على صفة مفتتحة بالنيّة.
ينظر : «الاختيار» (١ / ٧) ، «مغني المحتاج» (١ / ٤٧) ، «الخرشي» (١ / ٢٠) ، «المبدع» (١ / ١١٣).
ولمّا كان العبد مكلّفا بالصّلاة التي هي ركن من أركان الدين ، والصلاة مناجاة بين العبد وربه ، ومن أجل ذلك يكون اللّائق بحال من يخاطب ربّه ، ويناجيه أن يكون متطهرا من الأدران والأوزار. وقد ورد في كثير من الأحاديث أن الذّنوب تنزل عن صاحبها مع كل قطرة من قطرات الوضوء ، لذلك شرع الوضوء قبل الصلاة. ـ