النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فذكر الحديث.
وقوله : «لم يدخلا الجنّة» : ليس على ظاهره ، أي : لم يدخلا الجنّة أبدا ؛ حتى يقتصّ لبعضهم من بعض ، أو يقع العفو ، أو تحلّ الشفاعة ؛ حسبما هو معلوم في صحيح الآثار.
(يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(١٧)
وقوله سبحانه : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ ...) الآية : أهل الكتاب : لفظ يعمّ اليهود والنصارى ، ولكن نوازل الإخفاء ؛ كالرّجم وغيره ، إنما حفظت لليهود ؛ لأنهم كانوا مجاوري رسول الله صلىاللهعليهوسلم في مهاجره ، وفي إعلامه صلىاللهعليهوسلم بخفيّ ما في كتبهم ، وهو أمّيّ لا يكتب ، ولا يصحب القرّاء ـ دليل على صحّة نبوّته ؛ لو ألهمهم الله للخير ، (وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) : أي : لم يفضحهم فيه ؛ إبقاء عليهم ، والضمير في (يَعْفُوا) للنبيّ صلىاللهعليهوسلم.
وقوله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ) : هو محمّد صلىاللهعليهوسلم ، و (كِتابٌ مُبِينٌ) : هو القرآن ، ويحتمل أن يريد موسى ـ عليهالسلام ـ ، والتوراة : أي : لو اتّبعتموها حقّ الاتّباع ، والأوّل هو ظاهر الآية ، وهو أظهر ، و (سُبُلَ السَّلامِ) : أي : طرق السلامة والنّجاة ، ويحتمل أن يكون «السّلام» هنا اسما من أسماء الله عزوجل ، فالمعنى : طرق الله ، و (الظُّلُماتِ) : الكفر ، و (النُّورِ) : الإيمان ، وباقي الآية بيّن متكرّر.
وقوله سبحانه : (قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ) : أي : لا مالك ، ولا رادّ لإرادة الله تعالى في المسيح ، ولا في غيره.
وقوله سبحانه : (يَخْلُقُ ما يَشاءُ) : إشارة إلى خلقه المسيح في رحم مريم من غير
__________________
ـ ينظر : «الخلاصة» (٣ / ١١٤) ، «الكاشف» (٣ / ٢٢٢) ، «تهذيب الكمال» (٣ / ١٤٤٠) ، «تهذيب التهذيب» (١١ / ٤٢)