سكون بعد حركة ؛ في الأجرام ، ويستعار ذلك للمعاني ، وقد قال ـ عليهالسلام ـ : «لكلّ عمل شرة ، ولكلّ شرة فترة» ، وفي الصحيح ؛ أنّ الفترة التي كانت بين نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم ، وبين عيسى ستّمائة سنة ، وهذه الآية نزلت بسبب قول اليهود : ما أنزل الله على بشر بعد موسى من شيء ؛ قاله ابن عبّاس (١).
وقوله : (أَنْ تَقُولُوا) : معناه : حذارا أن تقولوا يوم القيامة : (ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ) ، وقامت الحجّة عليكم ، (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ؛ فهو الهادي والمضلّ لا ربّ غيره.
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (٢٠) يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (٢١) قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ)(٢٢)
وقوله سبحانه : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ ...) الآية : المعنى : واذكر لهم ، يا محمّد ؛ على جهة إعلامهم بغيب كتبهم ؛ ليتحقّقوا نبوّتك ، ثم عدّد عيون تلك النّعم ، فقال : (إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ) : أي : حاطة ، ومنقذون من النار ، وشرف في الدنيا والآخرة ، (وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) ، أي : فيكم ملوكا ؛ لأن الملك شرف في الدنيا ، وحاطة في نوائبها ، (وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) ، قال مجاهد : هو المنّ والسّلوى ، والحجر ، والغمام (٢) ، وقال غيره : كثرة الأنبياء ؛ وعلى هذا القول : فالعالمون على العموم ، وعلى القول بأن المؤتى هو آيات موسى ، فالعالمون عالم زمانهم ؛ لأنّ ما أوتي النبيّ صلىاللهعليهوسلم من آيات الله أكثر من ذلك ، و (الْمُقَدَّسَةَ) معناه : المطهّرة ، قال ابن عباس : هي الطّور وما حوله (٣) ، وقال قتادة : هي الشام (٤) ،
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٥٠٧) (١١٦١٩) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٢ / ١٧٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٤٧٦) وعزاه لابن إسحق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «الدلائل» عن ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٥١١) (١١٦٤٢) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٢٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٤٧٨) وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن مجاهد.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٥١١) (١١٦٤٩) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٢ / ١٧٤)
(٤). أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٥١٣) (١١٦٥٠) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٤٧٨) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد عن قتادة.