قال ع (١) : وبسبب نزول هذه الآية تصدّق أبو طلحة بحائطه المسمّى بيرحا ، وتصدّق زيد بن حارثة بفرس كان يحبّها ، وكان عبد الله بن عمر يشتهي أكل السّكّر باللّوز ، فكان يشتري ذلك ، ويتصدّق به (٢).
قال الفخر (٣) : والصحيح أنّ هذه الآية في إيتاء المال على طريق النّدب ، لا أنها في الزكاة الواجبة. ا ه.
وقوله سبحانه : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) شرط وجواب فيه وعد ، أي : عليم مجاز به ، وإن قلّ.
وقوله تعالى : (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ ...) الآية إخبار بمغيّب عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم لا يعلمه إلا الله ، وعلماء أهل الكتاب ، وحلّا : معناه : حلالا ، والآية ردّ على اليهود في زعمهم ؛ أنّ كلّ ما حرّموه على أنفسهم ؛ أنه بأمر الله تعالى في التوراة ، فأكذبهم الله تعالى بهذه الآية ، وقوله سبحانه : (إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ) ، أي : فهو محرّم عليهم في التّوراة ، لا هذه الزوائد التي افتروها.
وقال الفخر (٤) : قوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) ، المعنى : أنّ قبل نزول التوراة كان حلالا لبني إسرائيل كلّ أنواع المطعومات سوى ما حرّمه إسرائيل على نفسه ، فأما بعد نزول التوراة ، فلم يبق الأمر كذلك ، بل حرّم الله عليهم أنواعا كثيرة بسبب بغيهم ، وذلك هو عين النّسخ الذي هم له منكرون. ا ه.
__________________
ـ تشتهيه أثر في صورتها ومعناها. أما في صورتها ، فإن جسدها قد بني على أخلاط وفي باطنها طبيعة مستحثة على ما يصلحها ، فإذا قلّت عندها الرطوبة مالت إلى المرطبات ، وإذا كثرت فيها طلبت المنشفات ، طلبا لإصلاح بدنها ، فإذا منعت ما ركبت عليه من طلب الملائم كان ذلك مضادا لحكمة الواضع ، ومبالغة في أذى النفس.
وأما في معناها ينكمد برد أغراضها ؛ إذ نيل أغراضها يقوي حاستها ، فلا ينبغي أن يترك من أغراضها ، إلا ما خاف من تناوله ، إما الملائم أو التثبط عن الطاعة ، أو فوات خيرها ، وإنما المنع من ترك شهواتها على الإطلاق. وأما إذا اشتهت شيئا من فضول العيش ، فآثرت به ، فالثواب حاصل ، وذلك داخل في قوله تعالى : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران : ٩٢].
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (١ / ٤٧١)
(٢) ذكره ابن عطية (١ / ٤٧١)
(٣) ينظر : «مفاتيح الغيب» (٨ / ١١٨)
(٤) ينظر : «مفاتيح الغيب» (٨ / ١٢٣)