وقول هود عليهالسلام لقومه : (أَتَبْنُونَ) هو على جهة التوبيخ ، والريع : المرتفع من الأرض وله في كلام العرب شواهد ، وعبّر المفسرون عن الريع بعبارات ، وجملة ذلك أنّه المكان المشرف ، وهو الذي يتنافس البشر في مبانيه ، والآية : البنيان ؛ قال ابن عباس : آية علم (١).
وقال مجاهد : أبراج الحمام (٢) ، وقيل : القصور الطوال ، والمصانع جمع مصنع وهو ما صنع وأتقن في بنيانه من قصر مشيد ونحوه ، قال البخاريّ : كل بناء مصنعة ، انتهى.
وقوله : (لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) أي : كأنكم تخلدون / وكذا نقله البخاريّ عن ابن عباس غير مسند ، انتهى. والبطش : الأخذ بسرعة ، والجبار : المتكبّر ، ثم ذكّرهم عليهالسلام بأياد الله تعالى فيما منحهم ، وحذّرهم من عذابه ، فكانت مراجعتهم أن سووا بين وعظه وتركه الوعظ ، وقرأ نافع (٣) وغيره : «خلق الأوّلين» ـ بضم اللام ـ فالإشارة بهذا إلى دينهم ، أي ما هذا الذي نحن عليه إلّا خلق الناس وعادتهم ، وقرأ ابن كثير (٤) وغيره : «خلق» ـ بسكون اللام ـ ، فيحتمل المعنى : ما هذا الذي تزعمه إلّا أخلاق الأولين من الكذبة ؛ فأنت على منهاجهم ، وروى علقمة عن ابن مسعود ، : إلّا اختلاق الأوّلين.
(أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ (١٤٦) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ (١٤٨) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ (١٤٩) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (١٥٠) وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (١٥٢) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣) ما أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٥٤) قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥) وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥٦) فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ (١٥٧) فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٥٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (١٥٩)
وقول صالح لقومه : (أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا) : تخويف لهم بمعنى : أتطمعون أن تقرّوا
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (٩ / ٤٦٠) برقم (٢٦٦٩٧) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٢٣٨) ، والسيوطي (٥ / ١٦٩) ، وعزاه لابن جرير عن ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبريّ (٩ / ٤٦١) برقم (٢٦٧٠٠) ، والسيوطي (٩ / ١٧٠) ، وعزاه للفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٣) ينظر : «السبعة» ٤٧٢ ، و «الحجة» (٥ / ٣٦٥) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ١٣٦) ، و «معاني القراءات» (٢ / ٢٢٧) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ١٠٠) ، و «العنوان» (١٤٢) ، و «حجة القراءات» (٥١٨) ، و «شرح شعلة» (٥٢١) ، و «إتحاف» (٢ / ٣١٨)
(٤) ينظر : مصادر القراءة السابقة.