تعالى : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) [الواقعة : ٧] الآية.
والضمير في (يَدْخُلُونَها) على هذا التأويل خاصّ بالمقتصد والسابق ، وباقي الآية بيّن ، و (الْحَزَنَ) في هذه الآية عامّ في جميع أنواع الأحزان ، وقولهم : (إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) وصفوه سبحانه بأنه يغفر الذنوب ، ويجازي على القليل من الأعمال بالكثير من الثواب ، وهذا هو شكره ، لا ربّ سواه ، و (دارَ الْمُقامَةِ) : الجنة ، و (الْمُقامَةِ) : الإقامة و «النّصب» : تعب البدن و «اللغوب» : تعب النّفس اللازم عن تعب البدن.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٣٧) إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٣٨) هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَساراً (٣٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً (٤٠) إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (٤١)
وقوله سبحانه : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ) هذه الآية تؤيد التأويل الأوّل من أنّ الثلاثة الأصناف هي كلها في الجنة ، لأن ذكر الكافرين أفرد هاهنا.
وقوله : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ) أي لا يجهز عليهم.
وقولهم : (رَبَّنا أَخْرِجْنا) أي : يقولون هذه المقالة فيقال لهم على جهة التوبيخ : (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ) الآية. واختلف في المدة التي هي حدّ للتذكر ، فقال الحسن بن أبي الحسن : البلوغ ، يريد أنه أول حال التذكر (١). وقال ابن عباس أربعون سنة ؛ وهذا قول حسن (٢) ؛ ورويت فيه آثار. وروي أن العبد إذا بلغ أربعين سنة ولم يتب ؛ مسح الشيطان على وجهه ، وقال : بأبي وجه لا يفلح ، وقيل : الستين وفيه حديث.
ت : وفي «البخاري» : من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه ؛ لقوله : (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) يعني : الشيب. ثم أسند عن أبي هريرة عن
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٤ / ٤٤١)
(٢) ذكره ابن عطية (٤ / ٤٤١) ، وابن كثير (٣ / ٥٥٨) بنحوه.