وقال ص : «إن» : نافية ، والظاهر أنّها وما دخلت عليه جواب إذا ، انتهى.
قوله سبحانه : (وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ) روي : أنّ الآية نزلت حين أنكروا هذه اللّفظة ، وقالوا : ما نعرف الرحمن إلّا في اليمامة ، وظاهر الكلام : أنّ (الرَّحْمنِ) قصد به العبارة عن الله عزوجل ، ووصف سبحانه الإنسان الذي هو اسم جنس بأنه خلق من عجل ، وهذا على جهة المبالغة ؛ كما تقول للرجل البطال : أنت من لعب ولهو.
(لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٣٩) بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٤٠) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤١) قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣) بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ (٤٤) قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ (٤٥) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٤٦) وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ (٤٧) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ (٤٨) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (٤٩) وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) (٥٠)
وقوله سبحانه : (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ ...) الآية : حذف جواب «لو» ؛ إيجازا لدلالة الكلام عليه ، وتقدير المحذوف : لما استعجلوا ، ونحوه ، وذكر الوجوه ؛ لشرفها من الإنسان ، ثم ذكر الظهور ؛ ليبيّن عموم النّار لجميع أبدانهم ، والضمير في قوله : (بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً) : للسّاعة التي تصيّرهم إلى العذاب ، ويحتمل أن يكون للنار ، و (يُنْظَرُونَ) معناه : يؤخّرون ، و (فَحاقَ) معناه : حلّ ونزل ، و (يَكْلَؤُكُمْ) ، أي : يحفظكم.
وقوله سبحانه : (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) يحتمل تأويلين :
أحدهما : يجارون ويمنعون.
والآخر : ولا هم منّا يصحبون بخير وتزكية ونحو هذا.
وقوله سبحانه : (أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها ...) الآية (نَأْتِي الْأَرْضَ) معناه : بالقدرة ، ونقص الأرض : إمّا أن يريد بتخريب المعمور ، وإمّا بموت البشر.