الحقّ. فروي عن ابن عبّاس وغيره ، أن اسم هذا الرجل حبيب ، وكان نجّارا (١) وكان فيما قال وهب بن منبّه : قد تجذّم (٢).
وقيل : كان في غار يعبد ربّه فقال : (يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ...) الآية ، وذكر الناس في أسماء الرسل : صادق ، وصدوق ، وشلوم ، وغير هذا ، والله أعلم بصحّته ، واختلف المفسّرون في قوله (فَاسْمَعُونِ) فقال ابن عبّاس وغيره : خاطب بها قومه (٣) ، أي : على جهة المبالغة والتّنبيه.
وقيل : خاطب بها الرسل على جهة الاستشهاد بهم والاستحفاظ للأمر عندهم.
قال* ع (٤) * : وهنا محذوف تواترت به الأحاديث والروايات وهم أنهم قتلوه فقيل له عند موته : (ادْخُلِ الْجَنَّةَ) فلما أقرّ الله عينه بما رأى من الكرامة قال : (يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ...) الآية ، قيل : / أراد بذلك الإشفاق والنصح لهم أي : لو علموا ذلك ، لآمنوا بالله تعالى ، وقيل : أراد أن يعلموا ذلك فيندموا على فعلهم به ، وبخزيهم ذلك ، وهذا موجود في جبلّة البشر إذا نال الشخص عزّا وخيرا في أرض غربة ودّ أن يعلم ذلك جيرانه وأترابه الذين نشأ فيهم ، كما قيل : [السريع]
العزّ مطلوب وملتمس |
|
وأحبّه ما نيل في الوطن (٥) |
قال* ع (٦) * : والتأويل الأول أشبه بهذا العبد الصالح ؛ وفي ذلك قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «نصح قومه حيّا وميّتا» ؛ وقال قتادة : نصحهم على حالة الغضب والرضاء وكذلك لا تجد المؤمن إلا ناصحا للناس(٧).
__________________
(١) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٥٠) ، وأخرجه الطبري (١٠ / ٤٣٣) برقم : (٢٩٠٩٤) ، وذكره ابن كثير (٣ / ٥٦٨) ، والسيوطي (٥ / ٤٩١) ، وعزاه لابن أبي حاتم عن ابن عبّاس.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠ / ٤٣٣) برقم : (٢٩٠٩٤) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٥٠) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣ / ٥٦٨)
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠ / ٤٣٥) برقم : (٢٩١٠١) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٥١) ، وابن كثير في في «تفسيره» (٣ / ٥٦٨) كلهم عن ابن عبّاس ، وكعب ، ووهب.
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٤٥١)
(٥) البيت من شواهد «المحرر الوجيز» (٤ / ٤٥١)
(٦) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٤٥١)
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠ / ٤٣٦) برقم : (٢٩١٠٦) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٥١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣ / ٥٦٨) بنحوه.