بقوله : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا) ، وقرأ جمهور الناس «لما جميع» ـ بتخفيف الميم ـ ، وذلك على زيادة «ما» للتأكيد والمعنى : لجميع ، وقرأ عاصم والحسن وابن جبير (١) (لمّا) ـ بشدّ الميم ـ ، قالوا : هي بمنزلة «إلّا» و (مُحْضَرُونَ) قال قتادة : محشّرون يوم القيامة (٢).
(وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٣٥) سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ)(٣٦)
وقوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها ...) الآية ، و (آيَةٌ) : معناه وعلامة على الحشر وبعث الأجساد ، والضمير في (لهم) لكفّار قريش ، والضمير في (ثمره) قيل هو عائد على الماء الذي تضمّنه ذكر العيون ، وقيل : هو عائد على جميع ما تقدّم مجملا : كأنه قال : من ثمر ما ذكرنا «وما» في قوله : (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) قال الطبري (٣) : هي اسم معطوف على الثمر ، أي : يقع الأكل من الثمر ، ومما عملته الأيدي بالغرس والزّراعة ونحوه.
وقالت فرقة : هي مصدرية وقيل : هي نافية ، والتقدير أنهم يأكلون من ثمره وهو شيء لم تعمله أيديهم ؛ بل هي نعمة من الله تعالى عليهم ، والأزواج : الأنواع من جميع الأشياء.
وقوله : (وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) نظير قوله تعالى : (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) [النحل : ٨].
(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)(٤٠)
__________________
(١) وقرأ بها ابن عامر ، وحمزة ، والكسائيّ.
ينظر : «معاني القراءات» (٢ / ٣٠٥) ، و «العنوان» (١٥٩) ، و «حجة القراءات» (٥٩٧) ، و «إتحاف» (٢ / ٤٠٠) ، و «المحرر الوجيز» (٤ / ٤٥٢) ، و «البحر المحيط» (٧ / ٣١٩)
(٢) أخرجه الطبري (١٠ / ٤٣٩) برقم : (٢٩١١٩) ، بلفظ : أي هم يوم القيامة ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٥٢) ، والسيوطي في «تفسيره» (٥ / ٤٩٣) ، بلفظ : «يوم القيامة» ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.
(٣) ينظر : «تفسير الطبري» (١٠ / ٤٤٠)