* ت* : وذكر أبو نعيم عن ثابت البنانيّ أنّه قرأ : حم السجدة حتّى بلغ : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ / الْمَلائِكَةُ) ، فوقف ، وقال : بلغنا أنّ العبد المؤمن حين يبعث من قبره يتلقّاه الملكان اللّذان كانا معه في الدنيا ، فيقولان له : لا تخف ، ولا تحزن ، وأبشر بالجنة التي كنت توعد ، قال : فأمّن الله خوفه ، وأقرّ عينه ، الحديث (١). انتهى. قال ابن المبارك في «رقائقه» : سمعت سفيان يقول في قوله تعالى : (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) : أي عند الموت (أَلَّا تَخافُوا) : ما أمامكم (وَلا تَحْزَنُوا) : على ما خلفتم من ضيعاتكم (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) قال : يبشّر (٢) بثلاث بشارات : عند الموت ، وإذا خرج من القبر ، وإذا فزع ، (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) قال : كانوا معهم ، قال ابن المبارك : وأخبرنا رجل عن منصور ، عن مجاهد في قوله تعالى : (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) قال : قرناؤهم يلقونهم يوم القيامة ، فيقولون : لا نفارقكم حتّى تدخلوا الجنة ، ا. ه.
وقوله تعالى : (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) المتكلم ب (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ) هم الملائكة القائلون : (أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا) أي : يقولون للمؤمنين عند الموت وعند مشاهدة الحق : نحن كنّا أولياءكم في الدنيا ، ونحن هم أولياؤكم في الآخرة ؛ قال السّدّيّ : المعنى : نحن حفظتكم في الدنيا ، وأولياؤكم في الآخرة (٣) ، والضمير في قوله : (فِيها) عائد على الآخرة ، و (تَدَّعُونَ) معناه : تطلبون ؛ قال الفخر (٤) : ومعنى كونهم أولياء للمؤمنين ، إشارة إلى أنّ للملائكة تأثيرات في الأرواح [البشريّة ، بالإلهامات والمكاشفات اليقينيّة والمناجاة الخفيّة ؛ كما أنّ للشياطين تأثيرات في الأرواح] (٥) بإلقاء الوساوس ، وبالجملة ، فكون الملائكة أولياء للأرواح الطّيّبة الطاهرة ، حاصل من جهات كثيرة معلومة لأرباب المكاشفات والمشاهدات ، فهم يقولون : كما أنّ تلك الولايات حاصلة في الدنيا ، فهي تكون باقية في الآخرة ؛ فإنّ تلك العلائق ذاتيّة / لازمة ، غير مائلة إلى الزوال ؛ بل تصير بعد الموت أقوى وأبقى ؛ وذلك لأنّ جوهر النفس من جنس الملائكة ، وهي كالشّعلة بالنسبة إلى الشمس والقطرة بالنسبة إلى البحر ، وإنّما التّعلّقات الجسدانيّة
__________________
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٦٨٣) ، وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) في د : يبشرهم.
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ١٠٩) برقم : (٣٠٥٣٨) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ١١٤) ، وابن عطية (٥ / ١٥)
(٤) ينظر : «تفسير الفخر الرازي» (١٤ / ١٠٦)
(٥) سقط في : د.