وقوله تعالى : (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) يعني : قريشا.
* ت* : وفرض الفخر هذه القضيّة في أهل الكتاب ، وذكر ما وقع من اليهود ومحاجّتهم في دفع الحقّ وجحد الرسالة ، وعلى هذا فالضمير في : (أَهْواءَهُمْ) عائد عليهم ، والله أعلم. ا ه.
ثم أمره تعالى أن يقول : (آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ) ، وهو أمر يعمّ سائر أمته.
وقوله : (وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) قالت فرقة : اللام في (لِأَعْدِلَ) بمعنى : أن أعدل بينكم ، وقالت فرقة : المعنى وأمرت بما أمرت به من التبليغ والشرع ؛ لكي أعدل بينكم.
وقوله : (لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) إلى آخر الآية ـ ما فيه من موادعة منسوخ بآية السّيف.
وقوله : (لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) أي : لا جدال ، ولا مناظرة ؛ قد وضح الحق ، وأنتم تعاندون ، وفي قوله : (اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا) : وعيد بيّن.
(وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (١٦) اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (١٧) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (١٨) اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)(١٩)
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ ...) الآية ، قال ابن عبّاس ومجاهد : نزلت في طائفة من بني إسرائيل همّت بردّ الناس عن الإسلام وإضلالهم (١) ، وقيل : نزلت في قريش ؛ لأنّها كانت أبدا تحاول هذا المعنى ، و (يُحَاجُّونَ فِي اللهِ) معناه : في دين الله أو توحيد الله ، أي : يحاجّون فيه بالإبطال والإلحاد وما أشبهه ، والضمير في (لَهُ) يحتمل أن يعود على الله تبارك وتعالى ، ويحتمل أن يعود على الدّين والشرع ، ويحتمل أن يعود على النبي* ع* و (داحِضَةٌ) معناه : زاهقة ، والدّحض الزّهق ، وباقي الآية بيّن.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ١٣٨ ـ ١٣٩) برقم : (٣٠٦٤٩ ، ٣٠٦٥١) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٦٩٦ ـ ٦٩٧) ، وعزاه إلى ابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عبّاس ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عن مجاهد نحوه.