أبو حيان (١) : ضمير (هُوَ) عائد على العذاب ، أو على ما كسبوا بحذف مضاف ، أي : وبال ما كسبوا ، انتهى ، والروضات : المواضع المونقة النضرة.
(ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (٢٣) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٤) وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٢٥) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ)(٢٦)
وقوله تعالى : (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ) إشارة إلى قوله تعالى في الآية الأخرى : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً) [الأحزاب : ٤٧].
وقوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) اختلف الناس في معناه فقال ابن عبّاس وغيره : هي آية مكّيّة نزلت في صدر الإسلام ، ومعناها : استكفاف شرّ الكفار ودفع أذاهم ، أي : ما أسألكم على القرآن إلّا أن تودّوني لقرابة بيني وبينكم ؛ فتكفّوا عنّي أذاكم (٢) ، قال ابن عبّاس ، وابن إسحاق ، وقتادة : ولم يكن في قريش بطن إلّا وللنّبيّ صلىاللهعليهوسلم فيه نسب أو صهر (٣) ، فالآية على هذا فيها استعطاف ما ، ودفع أذى ، وطلب سلامة منهم ، وذلك كله منسوخ بآية السيف ، ويحتمل هذا التأويل أن يكون معنى الكلام استدعاء نصرهم ، أي : لا أسألكم غرامة ولا شيئا إلّا أن تودّوني لقرابتي منكم ، وأن تكونوا أولى بي من غيركم ، قال* ع (٤) * : وقريش كلّها عندي قربى ، وإن كانت تتفاضل ، وقد روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «من مات على حبّ آل محمّد مات شهيدا ، ومن مات على بغضهم ، لم يشمّ رائحة الجنّة» (٥) ، وقال ابن عبّاس أيضا : ما يقتضي أنّ الآية مدنيّة ، وأنّ
__________________
(١) ينظر : «البحر المحيط» (٧ / ٤٩٣)
(٢) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (٥ / ٣٣)
(٣) أخرجه البخاري (٨ / ٤٢٦) كتاب «التفسير» باب : إلا المودة في القربى (٤٨١٨) عن ابن عبّاس ، والترمذي (٥ / ٣٧٧) كتاب «التفسير» باب : ومن سورة حم عسق (٣٢٥١) ، وابن جرير في «تفسيره» (١١ / ١٤٢) (٣٠٦٦٢ ـ ٣٠٦٦٣) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ١٢٥) عن ابن عبّاس جميعهم ، وابن عطية (٥ / ٣٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٦٩٩) ، وعزاه إلى مسلم وابن مردويه ، وعبد بن حميد ، وأحمد عن ابن عبّاس.
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٣٤)
(٥) ينظر : القرطبي (١٦ / ٢٣) تفسير سورة الشورى.