وقوله : (وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) قال ابن عبّاس وغيره : معناه : عن أوامر القرآن ونواهيه (١) ، وقال الحسن : معناه : عن شكر النعمة فيه (٢) ، واللفظ يحتمل هذا كلّه ويعمّه.
وقوله تعالى : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا ...) الآية ، قال ابن زيد ، والزّهريّ : أما إنّ النبي صلىاللهعليهوسلم لم يسأل الرسل ليلة الإسراء عن هذا ؛ لأنّه كان أثبت يقينا من ذلك ، ولم يكن في شكّ ، وقال ابن عبّاس وغيره : أراد : واسأل أتباع من أرسلنا وحملة شرائعهم (٣) ، وفي قراءة ابن مسعود وأبيّ : «وسئل الّذين أرسلنا إليهم» (٤).
* ت* : قال عياض : قوله تعالى : «وسئل من أرسلنا من قبلك ...» الآية : الخطاب مواجهة للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، والمراد المشركون ؛ قاله القتبيّ ، ثم قال عياض : والمراد بهذا ، الإعلام بأنّ الله عزوجل لم يأذن في عبادة غيره لأحد ؛ ردّا على مشركي العرب وغيرهم في قولهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر : ٣] انتهى.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٦) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ (٤٧) وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤٨) وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ (٤٩) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (٥٠) وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ)(٥١)
وقوله سبحانه : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا ...) الآية ، ضرب مثل وأسوة للنبيّ صلىاللهعليهوسلم بموسى* ع* ولكفّار قريش بقوم فرعون.
وقوله : (وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ) أي : كالطوفان والجراد والقمّل والضفادع ، / وغير ذلك (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) أي : يتوبون ويرجعون عن كفرهم ، وقالوا لما عاينوا العذاب لموسى : (يا أَيُّهَا السَّاحِرُ) [أي] : العالم ، وإنّما قالوا هذا على جهة التعظيم والتوقير ؛ لأنّ علم السحر عندهم كان علما عظيما ، وقيل : إنّما قالوا ذلك على جهة الاستهزاء ، والأوّل أرجح ، وقولهم : (ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ) أي : إن نفعتنا دعوتك.
__________________
(١) ينظر : المصدر السابق.
(٢) ينظر : المصدر السابق.
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ١٩٢) برقم : (٣٠٨٨٧) عن ابن زيد نحوه ، وذكره ابن عطية (٥ / ٥٧)
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٥٧)