وقوله : (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ...) الآية : مصر من بحر الإسكندريّة إلى أسوان بطول النيل ، والأنهار التي أشار إليها هي الخلجان الكبار الخارجة من النيل.
(أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ (٥٢) فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (٥٣) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (٥٤) فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥) فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ)(٥٦)
وقوله : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ) قال سيبويه : «أم» هذه المعادلة ، والمعنى : أفأنتم لا تبصرون؟ أم تبصرون ، وقالت فرقة : «أم» بمعنى «بل» ، وقرأ بعض الناس (١) : «أما أنا خير» حكاه الفرّاء ، وفي مصحف أبيّ بن كعب (٢) : «أم أنا خير أم هذا» و (مَهِينٌ) معناه : ضعيف ، (وَلا يَكادُ يُبِينُ) إشارة إلى ما بقي في لسان موسى من أثر الجمرة ، وكانت أحدثت في لسانه عقدة ، فلمّا دعا في أن تحلّ ليفقه قوله ، أجيبت دعوته ، لكنّه بقي أثر كان البيان يقع معه ، فعيّره فرعون به.
وقوله : (وَلا يَكادُ يُبِينُ) يقتضى أنّه كان يبين.
وقوله : (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ) : يريد من السماء ، على معنى التكرمة ، وقرأ الجمهور : «أساورة» وقرأ حفص عن عاصم : «أسورة» (٣) وهو ما يجعل في الذّراع من الحلي ، وكانت عادة الرجال يومئذ لبس ذلك والتّزيّن به.
* ت* : وذكر بعض المفسرين عن مجاهد أنّهم كانوا إذا سوّدوا رجلا سوّروه بسوار ، وطوّقوه بطوق من ذهب ؛ علامة لسيادته ، فقال فرعون : هلا / ألقى ربّ موسى على موسى أساورة من ذهب ، أو جاء معه الملائكة مقترنين متتابعين ، يقارن بعضهم بعضا ، يمشون معه شاهدين له ، انتهى ، وقال* ع (٤) * : قوله : (مُقْتَرِنِينَ) : أي : يحمونه ، ويشهدون له ، ويقيمون حجّته.
* ت* : وما تقدّم لغيره أحسن ، ولا يشكّ أن فرعون شاهد من حماية الله لموسى
__________________
(١) ينظر : «الكشاف» (٤ / ٢٥٨) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٥٩) ، و «البحر المحيط» (٨ / ٢٣)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٥٩)
(٣) ينظر : «الحجة» (٦ / ١٥١) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٣٠٠) ، و «معاني القراءات» (٢ / ٣٦٦) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ٢٢٢) ، و «العنوان» (١٧١) ، و «حجة القراءات» (٦٥١) ، و «شرح شعلة» (٥٧٧) ، و «إتحاف» (٢ / ٤٥٧)
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٦٠)