* ت* : وروّينا في «جامع الترمذيّ» عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما ضلّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلّا أوتوا الجدل ، ثم تلا هذه الآية : (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)» (١) قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ، انتهى.
وقوله : (وَجَعَلْناهُ مَثَلاً) أي : عبرة وآية (لِبَنِي إِسْرائِيلَ) والمعنى : لا تستغربوا أن يخلق عيسى من غير فحل ؛ فإنّ القدرة تقتضي ذلك ، وأكثر منه.
(وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)(٦٢)
وقوله : (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ) معناه : لجعلنا بدلا منكم ، أي : لو شاء الله لجعل بدلا من بني آدم ملائكة يسكنون الأرض ، ويخلفون بني آدم فيها ، وقال ابن عبّاس ومجاهد : يخلف بعضهم بعضا (٢) ، والضمير في قوله : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ) قال ابن عبّاس وغيره : الإشارة به إلى عيسى (٣) ، وقالت فرقة : إلى محمّد ، وقال قتادة وغيره : إلى القرآن (٤).
* ت* : وكذا نقل أبو حيّان (٥) هذه الأقوال الثلاثة ، ولو قيل : إنّه ضمير الأمر والشأن ؛ استعظاما واستهوالا لأمر الآخرة ما بعد ، بل هو المتبادر إلى الذّهن ، يدلّ عليه : (فَلا تَمْتَرُنَّ بِها) ، والله أعلم ، وقرأ ابن عبّاس (٦) ، وجماعة : «لعلم» ـ بفتح العين
__________________
(١) أخرجه الترمذي (٥ / ٣٧٨ ـ ٣٧٩) كتاب «تفسير القرآن» باب : ومن سورة الزخرف (٣٢٥٣) ، وابن ماجه (١ / ١٩) المقدمة : باب : (٧) (٤٨) ، والحاكم في «المستدرك» (٢ / ١١٢) ، والطبراني في «الكبير» (٨ / ٣٣٣) (٨٠٦٧).
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، إنما نعرفه من حديث حجاج بن دينار ، وحجاج ثقة مقارب الحديث ، وأبو غالب اسمه : حزوّر. ا ه.
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ا ه.
قال الذهبي : صحيح.
(٢) أخرجه البخاري (٨ / ٤٢٨) كتاب «التفسير» باب : سورة الزخرف ، معلقا وهو موصول عند عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ، والطبري (١١ / ٢٠٤) (٣٠٩٤٤) عن ابن عبّاس ، (٣٠٩٤٧) عن قتادة ، وابن عطية (٥ / ٦١)
(٣) ذكره ابن عطية (٥ / ٦١)
(٤) أخرجه الطبري (١١ / ٢٠٥) برقم : (٣٠٩٦١) عن قتادة ، والحسن ، وذكره ابن عطية (٥ / ٦١)
(٥) ينظر : «البحر المحيط» (٨ / ٢٦)
(٦) وقرأ بها أبو هريرة ، وقتادة ، والضحاك ، ومجاهد ، وأبو نضرة ، ومالك بن دينار.
ينظر : «مختصر الشواذ» ص : (١٣٦) ، و «الكشاف» (٤ / ٢٦١) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٦١) ، و «البحر المحيط» (٨ / ٢٦) ، و «الدر المصون» (٦ / ١٠٦)