الله الإنابة لما يحبّ ، فإذا بلغ سبعين سنة غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ، وشفّع في أهل بيته ، وناداه مناد من السّماء : هذا أسير الله في أرضه» (١) انتهى ، وهذا ـ والله أعلم ـ في العبد المقبل على آخرته ، المشتغل بطاعة ربه.
وقوله : (رَبِّ أَوْزِعْنِي) معناه : ادفع عني الموانع ، وأجرني من القواطع ؛ لأجل أن أشكر نعمتك ، ويحتمل أن يكون (أَوْزِعْنِي) بمعنى : اجعل حظّي ونصيبي ، وهذا من التوزيع.
* ت* : وقال الثعلبيّ وغيره (أَوْزِعْنِي) : معناه : ألهمني ، وعبارة الفخر (٢) : قال ابن عبّاس (أَوْزِعْنِي) : معناه : ألهمني (٣) ، قال صاحب «الصّحاح» استوزعت / الله فأوزعني ، أي : استلهمته فألهمني ، انتهى ، قال ابن عبّاس (نِعْمَتَكَ) : في التوحيد
__________________
(١) أخرجه أحمد (٢ / ٨٩) ، وذكره الهندي في «كنز العمال» (١٥ / ٦٧٠) (٤٢٦٦٢) ، وعزاه إلى الديلمي عن أنس ، قال ابن حجر في «القول المسدد» في الذب عن مسند الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا أنس بن عياض حدثني يوسف بن أبي ذرة عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من معمر يعمر في الإسلام أربعين سنة ، إلا صرف الله عنه أنواعا من البلاء : الجنون ، والجذام ، والبرص ، فإذا بلغ خمسين سنة لين الله عليه الحساب ، فإذا بلغ ستين رزقه الله الإنابة إليه بما يحب ، فإذا بلغ سبعين أحبه الله ، وأحبه أهل السماء ، فإذا بلغ الثمانين قبل الله حسناته ، وتجاوز عن سيئاته ، فإذا بلغ تسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه ، وما تأخر ، وسمي أسير الله في أرضه ، وشفع لأهل بيته». ورواه أحمد أيضا موقوفا على أنس :
قال : حدثنا أبو النضر ، ثنا الفرج ، ثنا محمّد بن عامر ، عن محمّد بن عبيد الله ، عن جعفر بن عمرو ، عن أنس بن مالك قال : إذا بلغ الرجل المسلم أربعين سنة أمنه الله من أنواع من البلاء : من الجنون ، والجذام ، والبرص ، وإذا بلغ الخمسين لين الله عزوجل عليه حسابه ، وإذا بلغ الستين رزقه الله إنابة يحبه عليه ، وإذا بلغ السبعين أحبه الله وأحبه أهل السماء ، فإذا بلغ الثمانين تقبل الله منه حسناته ، ومحا عنه سيئاته ، فإذا بلغ التسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وسمي : أسير الله في الأرض ، وشفع في أهله. وعلة الحديث المرفوع يوسف بن أبي ذرة ، وفي ترجمته أورده ابن حبان في «تاريخ الضعفاء» وقال : يروي المناكير التي لا أصل لها من كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لا يحل الاحتجاج به بحال. روي عن جعفر بن عمرو عن أنس ذاك الحديث ، وأورد ابن الجوزي في «الموضوعات» هذا الحديث من الطريقين : المرفوع والموقوف ، وقال : هذا الحديث لا يصح عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأعل الحديث الموقوف بالفرج بن فضالة ، وحكى أقوال الأئمة في تضعيفه ، قال : وأما محمّد بن عامر فقال ابن حبان : يقلب الأخبار ويروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم. وأما محمّد بن عبيد الله فهو العرزمي ، قال أحمد : ترك الناس حديثه. قلت : وقد خلط فيه الفرج بن فضالة فحدث به هكذا وقلب إسناده مرة أخرى فجعله من حديث ابن عمر مرفوعا أيضا ، رواه أحمد أيضا.
ينظر : «القول المسدد» (٧ ـ ٨)
(٢) ينظر : «تفسير الرازي» (٢٨ / ١٨)
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ٢٨٤) برقم : (٣١٢٦٢ ، ٣١٢٦٤) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٩٧)