تفسير سورة محمّد
وهي مدنيّة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ (٢) ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ)(٣)
قوله عزوجل : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا) : إشارة إلى أهل مكّة الذين أخرجوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
وقوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...) الآية : إشارة إلى الأنصار الذين آووا ، ونصروا ، وفي الطائفتين نزلت الآيتان ؛ قاله ابن عبّاس ومجاهد (١) ، ثم هي بعد تعمّ كلّ من دخل تحت ألفاظها.
وقوله : (أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) أي : أتلفها ، ولم يجعل لها نفعا.
* ت* : وقد ذكرنا في سورة «الصف» أنّ اسم محمّد صلىاللهعليهوسلم لم يتسمّ به أحد قبله إلّا قوم قليلون ، رجاء أن تكون النبوّة في أبنائهم ، والله أعلم حيث يجعل رسالته ، قال ابن القطّان : وعن خليفة والد أبي سويد قال : سألت محمّد بن عديّ بن أبي ربيعة : كيف سمّاك أبوك محمّدا؟ قال : سألت أبي عمّا سألتني عنه ، فقال لي : كنت رابع أربعة من بني غنم أنا فيهم ، وسفيان بن مجاشع بن جرير ، وأمامة بن هند بن خندف. ويزيد بن ربيعة ، فخرجنا في سفرة نريد ابن جفنة ملك غسّان ، فلما شارفنا الشام ، نزلنا على غدير فيه شجرات ، وقربه شخص نائم ، فتحدّثنا فاستمع كلامنا ، فأشرف علينا ، فقال : إنّ هذه لغة ، ما هي لغة هذه البلاد ، فقلنا : نحن قوم من مضر ، فقال : من أي المضريّين؟ قلنا : من خندف ، قال : إنّه يبعث فيكم خاتم النبيّين ، فسارعوا إليه ، وخذوا بحظّكم منه ترشدوا ، قلنا : ما اسمه؟ قال : محمّد ، فرجعنا ، فولد لكلّ واحد منّا ابن سمّاه محمّدا ، وذكره
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٣٠٤) برقم : (٣١٣٣٤) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ١٧٧) عن ابن عبّاس ، وابن عطية (٥ / ١٠٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٩) ، وعزاه إلى الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، وابن مردويه.