وقال قتادة : أراد بني آدم الذين يتلون كتبه المنزلة وتسبيحه وتكبيره ونحو ذلك (١) ، والمقسم عليه : قوله : (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ).
وقوله : (مارِدٍ) قال العراقيّ : مارد سخط عليه ، وهكذا (مَرِيدٍ) [الحج : ٣] انتهى ؛ وهذا لفظه ، والملأ الأعلى : أهل السّماء الدنيا فما فوقها ، وسمّي الكلّ منهم أعلى ؛ بالإضافة إلى ملإ الأرض الذي هو أسفل ، والضمير في (يَسَّمَّعُونَ) للشياطين ، وقرأ حمزة ، وعاصم في رواية حفص : «لا يسّمّعون» ، ـ بشد السين والميم (٢) ، بمعنى : لا يتسمّعون ، فينتفي على قراءة الجمهور سماعهم ، وإن كانوا يستمعون ؛ وهو المعنى الصحيح ، ويعضده قوله تعالى : (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) [الشعراء : ٢١٢](وَيُقْذَفُونَ) معناه : يرجمون ، والدّحور : الإصغار والإهانة ، لأن الدّحر هو الدّفع بعنف ، وقال البخاريّ : (وَيُقْذَفُونَ) يرمون (٣) و (دُحُوراً) مطردين ، وقال ابن عبّاس : «مدحورا» مطرودا (٤) ، انتهى ، والواصب : الدائم ؛ قاله مجاهد وغيره (٥) ، وقال أبو صالح : الواصب : الموجع (٦) ، ومنه الوصب ، والمعنى : هذه الحال هي الغالبة على جميع الشياطين إلا من شذّ فخطف خبرا أو نبأ ، (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ) فأحرقه ، والثّاقب ، النافذ بضوئه وشعاعه المنير ؛ قاله قتادة وغيره (٧).
(فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (١١) بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢) وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ)(١٣)
__________________
(١) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٦٥)
(٢) وقرأ بها الكسائيّ.
ينظر : «السبعة» (٥٤٦) ، و «الحجة» (٦ / ٥٢) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٢٤٤) ، و «معاني القراءات» (٢ / ٣١٦) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ١٨٠) ، و «العنوان» (١٦١) ، و «حجة القراءات» (٦٠٥) ، و «شرح شعلة» (٥٦٢) ، و «إتحاف» (٢ / ٤٠٨)
(٣) أخرجه البخاري (٨ / ٤٠٥) كتاب «التفسير» باب : سورة الصافات ، معلقا عن مجاهد.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠ / ٤٧٢) برقم : (٢٩٢٧١) عن مجاهد بلفظ : «مطرودين» ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٦٦) عن مجاهد.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠ / ٤٧٣) برقم : (٢٩٢٧٦) عن مجاهد ، وبرقم : (٢٩٢٧٧) عن ابن عبّاس وبرقم : (٢٩٢٧٨) عن عكرمة ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٦٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٥١١) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٦) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٦٦)
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠ / ٤٧٤) برقم : (٢٩٢٨٠) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٦٧) عن قتادة ، والسدي ، وابن زيد.