وقوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ) إشارة إلى المرضى القلوب المذكورين.
وقوله : (فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) : استعارة لعدم فهمهم.
وقوله عزّ من قائل : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ / الْقُرْآنَ ...) الآية : توقيف وتوبيخ ، وتدبّر القرآن زعيم بالتبيين والهدى لمتأمّله.
* ت* : قال الهرويّ : قوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) معناه : أفلا يتفكّرون فيعتبرون ؛ يقال : تدبّرت الأمر : إذا نظرت في أدباره وعواقبه ، انتهى.
وقوله تعالى : (أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) معناه : بل على قلوب أقفالها ، وهو الرين الذي منعهم من الإيمان ، وروي أنّ وفد اليمن وفد على النبي صلىاللهعليهوسلم وفيهم شابّ ، فقرأ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم هذه الآية ، فقال الفتى : عليها أقفالها حتّى يفتحها الله تعالى ويفرّجها ، قال عمر : فعظم في عيني ، فما زالت في نفس عمر ـ رضي الله عنه ـ حتّى ولي الخلافة فاستعان بذلك الفتى.
(إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ (٢٥) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ (٢٦) فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ (٢٧) ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (٢٨) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ)(٢٩)
وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ ...) الآية : قال قتادة : نزلت في قوم من اليهود (١) ، وقال ابن عبّاس وغيره : نزلت في منافقين كانوا أسلموا ، ثم نافقت قلوبهم (٢) ، والآية تعمّ كلّ من دخل في ضمن لفظها غابر الدّهر ، و (سَوَّلَ) معناه : رجّاهم سؤلهم وأمانيهم ، ونقل أبو الفتح عن بعضهم ؛ أنّه بمعنى دلّاهم مأخوذ من السّول ، وهو الاسترخاء والتّدلّي ، وقال العراقيّ (سَوَّلَ) أي : زيّن سوء الفعل.
__________________
قال الترمذي : هذا حديث صحيح.
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ١٨٤) ، وابن عطية في «تفسيره» (٥ / ١١٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٣) ، وعزاه إلى عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر.
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٣٢٢) برقم : (٣١٤١٢) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ١٨٤) ، وابن عطية (٥ / ١١٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٣)