الآية ، روي أنّها نزلت بسبب أنّ عديّ بن حاتم قال : يا رسول الله ، إنّ حاتما كانت له أفعال برّ فما حاله؟ فقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : هو في النار فبكى عديّ ، وولّى فدعاه النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال له : «أبي وأبوك وأبو إبراهيم خليل الرحمن في النار» ونزلت هذه الآية في ذلك (١) ، وظاهر الآية العموم في كلّ ما تناولته الصفة.
وقوله سبحانه : (فَلا تَهِنُوا) معناه : لا تضعفوا (وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) أي : إلى المسالمة ، وقال قتادة : معنى الآية : لا تكونوا أولى الطائفتين ضرعت للأخرى (٢) : قال* ع (٣) * وهذا حسن ملتئم مع قوله تعالى : (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها) [الأنفال : ٦١].
(وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) : في موضع الحال ، المعنى : فلا تهنوا وأنتم في هذه الحال ، ويحتمل أن يكون إخبارا بمغيب أبرزه الوجود بعد ذلك ، والأعلون : معناه الغالبون والظاهرون من العلوّ.
وقوله : (وَاللهُ مَعَكُمْ) معناه : / بنصره ومعونته ويتر معناه : ينقص ويذهب ، والمعنى : لن يتركم ثواب أعمالكم.
(إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (٣٦) إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ (٣٧) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ)(٣٨)
وقوله سبحانه : (إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) تحقير لأمر الدنيا.
وقوله : (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ) معناه : هذا هو المطلوب منكم ، لا غيره ؛ لا تسألون أموالكم ، ثم قال سبحانه منبّها على خلق ابن آدم : (إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا) والإحفاء هو أشدّ السؤال ، وهو الذي يستخرج ما عند المسئول كرها.
__________________
(١) أخرجه أحمد (٤ / ٢٥٨) بلفظ : قلت : يا رسول الله ، إن أبي كان يصل الرحم ويفعل كذا وكذا ، قال : «إن أباك أراد أمرا فأدركه».
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٣٢٦ ، ٣٢٧) برقم : (٣١٤٢٦ ، ٣١٤٢٨) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٢٢)
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ١٢٢)