وقتادة : «تزايلوا» بألف (١) ، أي : ذهب هؤلاء عن هؤلاء ، وقال النحّاس : وقد قيل : إنّ قوله : (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ ...) الآية : يريد : من في أصلاب الكافرين ممّن سيؤمن في غابر الدهر ، وحكاه الثعلبيّ والنقّاش عن عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلىاللهعليهوسلم مرفوعا ، والحميّة التي جعلوها هي حميّة أهل مكة في الصدّ ؛ قال الزّهريّ : وهي حمية سهيل ومن شاهد منهم عقد الصلح ، وجعلها سبحانه حميّة جاهلية ، لأنّها كانت منهم بغير حجّة ، إذ لم يأت صلىاللهعليهوسلم محاربا لهم ، وإنما جاء معتمرا معظّما لبيت الله ، والسكينة : هي الطّمأنينة إلى أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والثقة بوعد الله ، والطاعة ، وزوال / الأنفة التي لحقت عمر وغيره ، «وكلمة التّقوى» : قال الجمهور : هي لا إله إلا الله ، وروي ذلك عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم وفي مصحف ابن مسعود (٢) : «وكانوا أهلها [وأحقّ بها» والمعنى : كانوا أهلها] على الإطلاق في علم الله وسابق قضائه لهم ، وروى أبو أمامة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «إذا نادى المنادي فتحت أبواب السّماء ، واستجيب الدّعاء ، فمن نزل به كرب أو شدّة فليتحيّن المنادي ، فإذا كبّر كبّر ، وإذا تشهّد تشهّد ، وإذا قال : حيّ على الصلاة ، قال : حيّ على الصلاة ، وإذا قال : حيّ على الفلاح ، قال : حيّ على الفلاح ، ثمّ يقول : ربّ هذه الدّعوة الصادقة المستجاب لها ، دعوة الحقّ وكلمة التّقوى ، أحينا عليها ، وأمتنا عليها ، وابعثنا عليها ، واجعلنا من خيار أهلها أحياء وأمواتا ، ثمّ يسأل الله حاجته» رواه الحاكم في «المستدرك» ، وقال : صحيح الإسناد (٣) ، انتهى من «السّلاح».
فقد بيّن صلىاللهعليهوسلم في هذا الحديث معنى «كلمة التقوى» على نحو ما فسّر به الجمهور ، والصحيح أنه يعوض عن الحيعلة الحوقلة ؛ ففي «صحيح مسلم» ، ثمّ قال : حيّ على الصلاة ، قال : لا حول ولا قوّة إلّا بالله ، ثمّ قال : حيّ على الفلاح ، قال : لا حول ولا قوّة إلّا بالله (٤)» الحديث ، انتهى.
وقوله تعالى : (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) إشارة إلى علمه بالمؤمنين الذين دفع عن كفار قريش بسببهم ، وإلى علمه بوجه المصلحة في صلح الحديبية ؛ فيروى أنّه لما انعقد
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ١٣٧) ، و «البحر المحيط» (٨ / ٩٨) ، وزاد نسبتها إلى ابن أبي عبلة ، وابن مقسم ، وابن عون. وهي في «الدر المصون» (٦ / ١٦٤)
(٢) وهي في مختصر ابن خالويه ص : (١٤٣) هكذا : وكانوا أهلها أحق من غير واو. ونسبها إلى أصحاب عبد الله بن مسعود. وكما أثبتها «المصنف» عند ابن عطية في «المحرر الوجيز» (٥ / ١٣٨)
(٣) أخرجه الحاكم (١ / ٥٤٦ ـ ٥٤٧) ، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (١٠ / ٢١٣)
(٤) أخرجه مسلم (٢ / ٣٢١) كتاب «الصلاة» باب : استحباب القول مثل قول المؤذن ، برقم : (١٢ / ٣٨٥)