وقوله سبحانه : (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ) توبيخ للكذبة ، والعنت : المشقة.
وقوله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) رجوع من الخطاب إلى الغيبة ، كأنه قال : ومن اتصف بما تقدم من المحاسن أولئك هم الراشدون.
وقوله سبحانه : (فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً) أي : كان هذا فضلا من الله ونعمة ، وكان قتادة ـ رحمهالله ـ يقول : قد قال الله تعالى لأصحاب محمّد* ع* : (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ) وأنتم والله أسخف رأيا ، وأطيش أحلاما ، فليتّهم رجل نفسه ، ولينتصح كتاب الله تعالى (١).
(وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)(١٠)
وقوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) سبب الآية ـ في قول الجمهور ـ هو ما وقع بين المسلمين المتحزبين في قضية عبد الله بن أبيّ ابن سلول حين مرّ به النبيّ صلىاللهعليهوسلم راكبا على حماره متوجّها إلى زيارة سعد بن عبادة في مرضه ، حسبما
__________________
ـ قال أبو داود : قلت لأحمد بن صالح : سنان بن سعد سمع أنسا؟ فغضب من إجلاله له.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : تركت حديثه ؛ لأن حديثه مضطرب ، غير محفوظ. قال : وسمعته مرة أخرى يقول : يشبه حديثه حديث الحسن ، لا يشبه حديث أنس.
وقال أحمد بن أبي يحيى ، عن أحمد بن حنبل : لم أكتب أحاديث سنان بن سعد ؛ لأنّهم اضطربوا فيها ، فقال بعضهم : سعد بن سنان ، وبعضهم : سنان بن سعد.
وقال محمّد بن علي الورّاق ، عن أحمد بن حنبل : روى خمسة عشر حديثا منكرة كلّها ، ما أعرف منها واحدا.
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة. سألت يحيى بن معين عن سعد بن سنان الذي روى عنه يزيد بن أبي حبيب ، فقال : ثقة.
وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجانيّ : أحاديثه واهية ، لا تشبه أحاديث الناس عن أنس.
وقال النسائيّ : منكر الحديث.
وقال أبو أحمد بن عديّ : وهذه الأحاديث يحمل بعضها بعضا ، وليس هذه الأحاديث ممّا يجب أن يترك أصلا ، كما ذكر ابن حنبل : أنه ترك هذه الأحاديث.
روى له البخاريّ في «الأدب» ، وأبو داود ، والتّرمذيّ ، وابن ماجه.
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٣٨٦) برقم : (٣١٦٩٣) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٤٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٩٤) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير.