* ت* : وقد وردت أحاديث صحيحة في هذا الباب ، لو لا الإطالة لجلبناها.
(وَلا يَغْتَبْ) معناه : لا يذكر أحدكم من أخيه شيئا هو فيه ، ويكره سماعه ، وقد قال النبيّصلىاللهعليهوسلم : «إذا ذكرت ما في أخيك فقد اغتبته ، وإذا ذكرت ما ليس فيه فقد بهتّه» (١) ، وفي حديث آخر : «الغيبة أن تذكر المؤمن بما يكره ، قيل : وإن كان حقّا؟ قال : إذا قلت باطلا فذلك هو البهتان» (٢) وحكى الزهراوي عن جابر عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «الغيبة أشدّ من الزّنا ، قيل : وكيف؟! قال : لأنّ الزّاني يتوب فيتوب الله عليه ، والّذي يغتاب لا يتاب عليه حتّى يستحلّ» (٣) ، قال* ع (٤) * : وقد يموت من اغتيب ، أو يأبى ، وروى أبو داود في «سننه» عن أنس بن مالك قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «لمّا عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس ، يخمشون وجوههم وصدورهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل؟! قال : هؤلاء الّذين يأكلون لحوم الناس ، ويقعون في أعراضهم» (٥) انتهى.
والغيبة مشتقة من «غاب يغيب» وهي القول في الغائب ، واستعملت في المكروه ، ولم يبح في هذا المعنى إلّا ما تدعو الضرورة إليه ، من تجريح الشهود ، وفي التعريف / بمن استنصح في الخطاب ونحوهم : لقول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «أمّا معاوية فصعلوك لا مال له» وما يقال في الفسقة أيضا ، وفي ولاة الجور ، ويقصد به : التحذير منهم ؛ ومنه قوله* ع* : «أعن الفاجر ترعوون؟! اذكروا الفاجر بما فيه ، متى يعرفه الناس إذا لم تذكروه؟!» (٦).
__________________
(١) أخرجه مسلم (٤ / ٢٠٠١) كتاب «البر والصلة والآداب» باب : تحريم الغيبة (٧٠ / ٢٥٨٩) ، وأبو داود (٢ / ٦٨٥) كتاب «الأدب» باب : في الغيبة (٤٨٧٤) ، والترمذي (٤ / ٣٢٩) كتاب «البر والصلة» باب : ما جاء في الغيبة (١٩٣٤) ، وأحمد (٢ / ٢٣٠ ، ٣٨٦ ، ٤٥٨)
(٢) ينظر : ما قبله.
(٣) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٥ / ٣٠٦) باب : في تحريم أعراض الناس (٦٧٤١) عن أبي سعيد الخدري ، وجابر.
قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٨ / ٩٤ ـ ٩٥) : رواه الطبراني في «الأوسط» وفيه عباد بن كثير الثقفي وهو متروك ا ه.
وللبيهقي رواية عن أنس في «شعب الإيمان» (٥ / ٣٠٦) (٦٧٤٢)
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ١٥١)
(٥) أخرجه أبو داود (٢ / ٦٨٥ ـ ٦٨٦) كتاب «الأدب» باب : في الغيبة (٤٨٧٨) ، وذكره الألباني في «الصحيحة» (٢ / ٥٩) (٥٣٣)
(٦) أخرجه البيهقي (١٠ / ٢١٠) كتاب «الشهادات» باب : الرجل من أهل الفقه يسأل عن الرجل من أهل الحديث ، فيقول : كفوا عن حديثه لأنه يغلط أو يحدث بما لم يسمع ، أو أنه لا يبصر الفتوى.
قال العجلوني في «كشف الخفاء» (١ / ١١٤) ، رواه ابن أبي الدنيا ، وابن عدي ، والطبراني ، والخطيب عن معاوية بن حيدة ، وقال في «التمييز» : أخرجه أبو يعلى ، ولا يصح. ا ه. ـ