تفسير سورة «الذّاريات»
وهي مكّيّة بإجماع المفسّرين
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالذَّارِياتِ ذَرْواً (١) فَالْحامِلاتِ وِقْراً (٢) فَالْجارِياتِ يُسْراً (٣) فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (٤) إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ (٦) وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ)(٧)
قوله عزوجل : (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً ...) الآية ، أقسم الله عزوجل بهذه المخلوقات ؛ تنبيها عليها ، وتشريفا لها ، ودلالة على الاعتبار فيها ، حتّى يصير الناظر فيها إلى توحيد الله عزوجل ، فقوله : (وَالذَّارِياتِ) : هي الرياح بإجماع و (ذَرْواً) نصب على المصدر ، و (فَالْحامِلاتِ وِقْراً) قال عليّ : هي السحاب ، وقال ابن عبّاس وغيره (١) : هي السفن الموقورة بالناس وأمتعتهم ، وقال جماعة من العلماء : هي أيضا مع هذا جميع الحيوان الحامل ، وفي جميع ذلك معتبر ، و (فَالْجارِياتِ يُسْراً) قال عليّ وغيره (٢) : هي السفن في البحر ، وقال آخرون : هي السحاب ، وقال آخرون : هي الكواكب ؛ قال* ع (٣) * : واللفظ يقتضي جميع هذا ، و (يُسْراً) نعت لمصدر محذوف ، وصفات / [المصادر المحذوفة تعود أحوالا ، و (يُسْراً) معناه : بسهولة و «المقسّمات أمرا» : الملائكة ، والأمر هنا : اسم جنس ، فكأنّه قال : والجماعات التي تقسم أمور الملكوت ، من الأرزاق ، والآجال ، والخلق في الأرحام ، وأمر الرياح والجبال ، وغير ذلك ؛ لأنّ كلّ هذا إنّما هو بملائكة تخدمه ، وأنّث «المقسمات» من حيث أراد الجماعات ، وهذا القسم واقع على قوله : (إِنَّما تُوعَدُونَ
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٤٤٢) برقم : (٣٢٠٢١) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٧١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٣١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٣٣) ، وعزاه لعبد الرزاق ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، والحارث بن أبي أسامة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن الأنباري في «المصاحف» ، والحاكم وصححه.
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ١٧١)
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ١٧١)