* ت* : أي : في أنّ محمّدا تقوّله ؛ قاله الثعلبيّ.
(أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ)(٣٦)
وقوله سبحانه : (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ) قال الثعلبيّ : قال ابن عبّاس : من غير أب ولا أمّ ، فهم كالجماد لا يعقلون ، ولا تقوم لله عليهم حجّة ، أليسوا خلقوا من نطفة وعلقة ، وقال ابن كيسان : أم خلقوا عبثا ، وتركوا سدى من غير شيء ، أي : لغير شيء لا يؤمرون ولا ينهون (أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ) : لأنفسهم ، فلا يأتمرون لأمر الله ، انتهى ، وعبّر* ع (١) * : عن هذا بأن قال : وقال آخرون : معناه : أم خلقوا لغير علّة ولا لغاية عقاب وثواب ؛ فهم لذلك لا يسمعون ولا يتشرّعون.
* ت* : وقد يحتمل أن يكون المعنى : أم خلقوا من غير شيء خلقهم ، أي : من غير موجد أوجدهم ، ويدلّ عليه مقابلته بقوله : (أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ) وهكذا قال الغزّاليّ في «الإحياء» ، قال : وقوله عزوجل : (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ) أي : من غير خالق ، انتهى بلفظه من كتاب ، آداب التلاوة قال الغزّاليّ : ولا يتوهّم أنّ الآية تدلّ أنّه لا يخلق شيء إلّا من شيء! انتهى ، وقال الفخر (٢) : قوله تعالى : (مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ) فيه وجوه ، المنقول منها : أم خلقوا من غير خالق ، [وقيل : أم خلقوا لا لغير شيء عبثا] (٣) ، وقيل : أم خلقوا من غير أب وأمّ ، انتهى ، وأحسنها الأوّل ؛ كما قال الغزّاليّ ، والله أعلم بما أراد سبحانه ، وفي الصحيح عن جبير بن مطعم قال : «سمعت النبيّ صلىاللهعليهوسلم يقرأ في المغرب بالطّور ، فلمّا بلغ هذه الآية : (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ) إلى قوله : (الْمُصَيْطِرُونَ) ـ كاد قلبي أن يطير» ، وفي رواية : «وذلك أوّل ما / وقر الإيمان في قلبي» (٤) انتهى ، وأسند أبو بكر ابن الخطيب في «تاريخه» عن جبير بن مطعم قال : «أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في فداء أهل بدر ، فسمعته يقرأ في المغرب بالطّور ، فكأنّما تصدّع قلبي حين سمعت القرآن» انتهى.
(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (٣٧) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ١٩٢)
(٢) ينظر : «تفسير الرازي» (١٤ / ٢٢٣)
(٣) سقط في : د.
(٤) أخرجه البخاري (٨ / ٤٦٩) ، كتاب «التفسير» برقم : (٤٨٥٤)