بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (٣٩) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٠) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤١) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ)(٤٣)
وقوله سبحانه : (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ) بمنزلة قوله : أم عندهم الاستغناء في جميع الأمور؟ والمصيطر : القاهر ، وبذلك فسر ابن عبّاس (١) الآية ، والسّلّم : السبب الذي يصعد به ، كان ما كان من خشب ، أو بناء ، أو حبال ، أو غير ذلك ، والمعنى : ألهم سلّم إلى السماء يستمعون فيه ، أي : عليه أو منه ، وهذه حروف يسدّ بعضها مسدّ بعض ، والمعنى : يستمعون الخبر بصحّة ما يدعونه ، فليأتوا بالحجّة المبينة في ذلك.
وقوله سبحانه : (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ) الآية ، قال ابن عبّاس (٢) : يعني أم عندهم اللوح المحفوظ ، (فَهُمْ يَكْتُبُونَ) : ما فيه ، ويخبرون به ، ثم قال : (أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً) : بك وبالشرع ، ثم جزم الخبر بأنّهم (هُمُ الْمَكِيدُونَ) أي : هم المغلوبون ، فسمّى غلبتهم كيدا ؛ إذ كانت عقوبة الكيد ، ثم قال سبحانه : (أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ) : يعصمهم ويمنعهم من الهلاك ، قال الثعلبيّ : قال الخليل : ما في سورة الطور كلّها من ذكر «أم» كلّه استفهام لهم ، انتهى.
ثم نزّه تعالى نفسه : (عَمَّا يُشْرِكُونَ) به.
(وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ (٤٤) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٤٧) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ)(٤٩)
وقوله : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً) أي : قطعة يقولون لشدة معاندتهم هذا (سَحابٌ مَرْكُومٌ) : بعضه على بعض ، وهذا جواب لقولهم : (فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ) [الشعراء : ١٨٧] وقولهم : (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) [الإسراء : ٩٢] يقول : لو فعلنا هذا بهم لما / آمنوا ، ولقالوا : سحاب مركوم.
وقوله تعالى : (فَذَرْهُمْ) ، وما جرى مجراه من الموادعة ـ منسوخ بآية السيف ،
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٤٩٦) برقم : (٣٢٣٨٦) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٩٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٥٠) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.
(٢) ذكره البغوي (٤ / ٢٤٢) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٩٣)