والجمهور أنّ يومهم الذي فيه يصعقون ، هو يوم القيامة ، وقيل : هو موتهم واحدا واحدا ، ويحتمل أن يكون يوم بدر ؛ لأنّهم عذّبوا فيه ، والصعق : التعذيب في الجملة ، وإن كان الاستعمال قد كثر فيما يصيب الإنسان من الصيحة المفرطة ونحوه ، ثمّ أخبر تعالى بأنّ لهم دون هذا اليوم ، أي : قبله (عَذاباً) واختلف في تعيينه ، فقال ابن عبّاس وغيره (١) : هو بدر ونحوه ، وقال مجاهد (٢) : هو الجوع الذي أصابهم ، وقال البراء بن عازب وابن عبّاس أيضا (٣) : هو عذاب القبر ، وقال ابن زيد (٤) : هي مصائب الدنيا ، إذ هي لهم عذاب.
* ت* : ويحتمل أن يكون المراد الجميع ؛ قال الفخر (٥) : إن قلنا إنّ العذاب هو بدر فالذين ظلموا هم أهل مكّة ، وإن قلنا : العذاب هو عذاب القبر ، فالذين ظلموا عامّ في كل ظالم ، انتهى.
ثم قال تعالى لنبيّه : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا) أي : بمرأى ومنظر ، نرى ونسمع ما تقول ، وأنّك في حفظنا وحيطتنا ؛ كما تقول : فلان يرعاه الملك بعين ، وهذه الآية ينبغي أن يقرّرها كلّ مؤمن في نفسه ؛ فإنها تفسّح مضايق الدنيا.
وقوله سبحانه : (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) قال أبو الأحوص (٦) : هو التسبيح المعروف ، يقول في كلّ قيام : سبحان الله وبحمده ، وقال عطاء (٧) : المعنى حين تقوم من كلّ مجلس.
* ت* : وفي تفسير أحمد بن نصر الداوديّ قال : وعن ابن المسيّب قال : حقّ على كلّ مسلم أن يقول حين يقوم إلى الصلاة : سبحان الله وبحمده ؛ لقول الله سبحانه لنبيّه (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) ، انتهى ، / وقال ابن زيد (٨) : هي صلاة النوافل ، وقال
__________________
(١) ذكره البغوي (٤ / ٢٤٣) ، وابن عطية (٥ / ١٩٤)
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٤٩٩) برقم : (٣٢٣٩٨) ، وذكره البغوي (٤ / ٢٤٣) ، وابن عطية (٥ / ١٩٤) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٤٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٥١) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر.
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ٤٩٩) برقم : (٣٢٣٩٤) ، (٣٢٣٩٥) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٩٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٥٠) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر.
(٤) أخرجه الطبري (١١ / ٤٩٩) برقم : (٣٢٣٩٩) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٩٤)
(٥) ينظر : «تفسير الرازي» (١٤ / ٢٣٥)
(٦) أخرجه الطبري (١١ / ٥٠٠) برقم : (٣٢٤٠١) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٩٤) ، وابن كثير في «تفسيره» (٥ / ١٩٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٥١) ، وعزاه لابن أبي شيبة.
(٧) ذكره البغوي (٤ / ٢٤٣) ، وابن عطية (٥ / ١٩٤) ، وابن كثير في «تفسيره» (٥ / ١٩٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٥١) ، وعزاه للفريابي ، وابن المنذر.
(٨) ذكره ابن عطية (٥ / ١٩٤)