تفسير سورة الرحمن
عزوجل ، وهي مكّيّة في قول الجمهور
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤) الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ)(٥)
قوله عزوجل : (الرَّحْمنُ* عَلَّمَ الْقُرْآنَ) الرحمن : بناء مبالغة من الرحمة ، وقوله : (عَلَّمَ الْقُرْآنَ) تعديد نعمة ، أي : هو منّ به ، وعلّمه الناس ، وخصّ حفّاظه وفهمته بالفضل ؛ قال النبيصلىاللهعليهوسلم : «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه» (١) ، ومن الدليل على أنّ القرآن غير مخلوق ، أنّ الله تعالى ذكر القرآن في كتابه في أربعة وخمسين موضعا ما فيها موضع صرّح / فيه بلفظ الخلق ، ولا أشار إليه ، وذكر الإنسان على الثّلث من ذلك في ثمانية عشر موضعا كلّها نصّت على خلقه ، وقد اقترن ذكرهما في هذه السورة على هذا النحو ، والإنسان هنا اسم جنس ؛ قاله الزّهراويّ وغيره ، قال الفخر (٢) : (الرَّحْمنُ) : مبتدأ خبره الجملة الفعلية التي هي (عَلَّمَ الْقُرْآنَ) ، انتهى ، و (الْبَيانَ) : النّطق والفهم والإبانة عن ذلك بقول ؛ قاله الجمهور ، وبذلك فضّل الإنسان من سائر الحيوان ، وكلّ المعلومات داخلة في
__________________
(١) أخرجه البخاري (٨ / ٦٩٢) ، كتاب «فضائل القرآن» باب : خيركم من تعلم القرآن وعلمه (٥٠٢٧ ـ ٥٠٢٨) ، وأبو داود (١ / ٤٦٠) ، كتاب «الصلاة» باب : في ثواب قراءة القرآن (١٤٥٢) ، والترمذي (٥ / ١٧٣ ـ ١٧٤) ، كتاب «فضائل القرآن» باب : ما جاء في تعليم القرآن (٢٩٠٧ ـ ٢٩٠٨) ، وابن ماجه (١ / ٧٦ ـ ٧٧) «المقدمة» باب : فضل من تعلم القرآن وعمله (٢١١) ، وأحمد (١ / ٨٥ ، ٦٩) ، والدارمي (٢ / ٤٣٧) ، كتاب «فضائل القرآن» باب : خياركم من تعلم القرآن وعلمه عن عثمان بن عفان. وفي الباب عن علي رضي الله عنه : أخرجه الترمذي (٥ / ١٧٥) ، كتاب «تفسير القرآن» باب : ما جاء في تعليم القرآن (٢٩٠٩) ، وأحمد (١ / ١٥٣) ، والدارمي (٢ / ٤٣٧) ، كتاب «فضائل القرآن» باب : خياركم من تعلم القرآن.
قال الترمذي : هذا حديث لا نعرفه من حديث علي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم إلا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق.
(٢) ينظر : «تفسير الفخر الرازي» (١٥ / ٧٥)