* ت* : ولفظ البخاريّ : (الْمُنْشَآتُ) : ما رفع قلعه من السفن ، فأمّا ما لا يرفع قلعه ، فليس بمنشآت ، انتهى.
(كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ (٢٦) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ (٢٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)(٢٨)
وقوله سبحانه : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها) أي : على الأرض (فانٍ) والإشارة بالفناء إلى جميع الموجودات على الأرض من حيوان وغيره ، والوجه : عبارة عن الذّات ، لأنّ الجارحة منفيّة في حقّه سبحانه ؛ قال الداوديّ : وعن ابن عبّاس (ذُو الْجَلالِ) : قال : ذو العظمة والكبرياء ، انتهى.
(يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (٢٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٠) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (٣١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٢) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ(٣٣) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٤) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ (٣٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)(٣٦)
وقوله سبحانه : (يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي : من ملك ، وإنس ، وجنّ ، وغيرهم ، لا غنى لأحد منهم عنه سبحانه ، كلّهم يسأله حاجته ، إمّا بلسان مقاله ، وإمّا بلسان حاله.
وقوله سبحانه : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) أي : يظهر شأنا من قدرته التي قد سبقت في الأزل في ميقاته من الزمان ، من إحياء وإماتة ، ورفعة وخفض ، وغير ذلك من الأمور التي / لا يعلم نهايتها إلّا هو سبحانه ، و «الشأن» : هو اسم جنس للأمور ، قال الحسين بن الفضل (١) : معنى الآية : سوق المقادير إلى المواقيت ؛ وفي الحديث : «أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قرأ هذه الآية ، فقيل له : ما هذا الشأن يا رسول الله؟ قال : يغفر ذنبا ، ويفرّج كربا ، ويرفع قوما ، ويضع آخرين» (٢) وذكر النقّاش أنّ سبب هذه الآية قول اليهود : استراح الله يوم السّبت ، فلا ينفّذ فيه شيئا.
وقوله تعالى : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) : عبارة عن إتيان الوقت الذي قدّر فيه ، وقضى أن ينظر في أمور عباده ، وذلك يوم القيامة ، وليس المعنى : أنّ ثمّ شغلا يتفرّغ منه ؛ إذ لا يشغله سبحانه شأن عن شأن ، وإنّما هي إشارة وعيد وتهديد ، قال البخاريّ : وهو
__________________
(١) ذكره البغوي (٤ / ٢٧٠) ، وابن عطية (٥ / ٢٢٩)
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٩٧) ، وعزاه إلى البزار.