وقوله سبحانه : (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ) : جواب «إذا» محذوف مقصود به الإبهام ؛ كأنّه يقول : فإذا انشقّت السماء ، فما أعظم الهول! قال قتادة (١) : السماء اليوم خضراء ، وهي يوم القيامة حمراء ، فمعنى قوله : (وَرْدَةً) أي : محمرّة كالوردة ، وهي النوّار المعروف ؛ وهذا قول الزّجّاج وغيره.
وقوله : (كَالدِّهانِ) قال مجاهد وغيره (٢) : هو جمع دهن ؛ وذلك أنّ السّماء يعتريها يوم القيامة ذوب وتميّع من شدّة الهول ، وقال ابن جريج (٣) : من حرّ جهنّم ، نقله الثعلبيّ ، وقيل غير هذا.
وقوله : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) قال قتادة وغيره (٤) : هي مواطن ؛ فلا تعارض بين الآيات.
وقوله سبحانه : (فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) قال ابن عبّاس (٥) : يؤخذ كلّ كافر بناصيته وقدميه ، ويطوى ، ويجمع كالحطب ، ويلقى كذلك في النار ، وقيل : المعنى : أنّ بعض الكفرة يؤخذون بالنواصي ، وبعضهم يسحبون ، ويجرّون بالأقدام.
وقوله تعالى : (هذِهِ جَهَنَّمُ) أي : يقال لهم على جهة التوبيخ ، وفي مصحف ابن مسعود (٦) : «هذه جهنّم الّتي كنتما بها تكذّبان لا تموتان فيها ولا تحييان».
وقوله سبحانه : (يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) المعنى : / أنّهم يتردّدون بين نار جهنّم وجمرها ، وبين حميم ، وهو ما غلي في جهنّم من مائع عذابها ، وآن الشيء : حضر ، وآن اللّحم أو ما يطبخ أو يغلى : نضج وتناهى حرّه ، وكونه من الثاني أبين.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٥٩٨) برقم : (٣٣٠٥٤) ، وذكره البغوي (٤ / ٢٧٢) ، وابن عطية (٥ / ٢٣١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٧٥)
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٥٩٩) برقم : (٣٣٠٥٧) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٣١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٧٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٩٩) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر.
(٣) ذكره البغوي (٤ / ٢٧٢)
(٤) ذكره ابن عطية (٥ / ٢٣٢)
(٥) ذكره ابن عطية (٥ / ٢٣٢) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٧٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٠٠) ، وعزاه لابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في «البعث والنشور».
(٦) وزاد ابن خالويه فيها : «تصليانها» لا تموتان ... ، ينظر : «الشواذ» ص : (١٥٠) ، و «الكشاف» (٤ / ٤٥١) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٢٣٢)