(وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٧) ذَواتا أَفْنانٍ (٤٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٩) فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (٥٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥١) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٣) مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٥) فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)(٥٧)
وقوله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ) أي : موقفه بين يدي ربه ، وقيل في هذه الآية : إنّ كلّ خائف له جنّتان.
* ت* : قال الثعلبيّ : قال محمّد بن عليّ الترمذي : جنّة لخوفه من ربّه ، وجنّة لتركه شهوته ، و «الأفنان» : يحتمل أن تكون جمع «فنن» ، وهو الغصن ، وهذا قول مجاهد (١) ، فكأنّه مدحها بظلالها وتكاثف أغصانها ، ويحتمل أن تكون جمع «فنّ» ، وهو قول ابن عبّاس (٢) ، فكأنّه مدحها بكثرة فواكهها ونعيمها ، و (زَوْجانِ) معناه : نوعان.
* ت* : ونقل الثعلبيّ عن ابن عبّاس (٣) قال : ما في الدنيا شجرة حلوة ولا مرّة إلّا وهي في الجنة ، حتى الحنظل إلّا أنّه حلو انتهى.
و (مُتَّكِئِينَ) : حال ، وقرأ الجمهور (٤) : (عَلى فُرُشٍ) ـ بضم الراء ـ ، وروي في الحديث «أنّه قيل للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : هذه البطائن من إستبرق ، فكيف الظّواهر؟! قال : هي من نور يتلألأ» ، والإستبرق : ما خشن وحسن من الدّيباج ، والسّندس : ما رقّ منه ، وقد تقدّم القول في لفظ الإستبرق ، والضمير في قوله : (فِيهِنَ) للفرش ، وقيل : للجنات ، إذ الجنتان جنات في المعنى ، و «الجنى» : ما يجنى من الثمار ، ووصفه بالدّنوّ ؛ لأنّه يدنو إلى مشتهيه ، فيتناوله كيف شاء من قيام ، أو جلوس ، أو اضطجاع ، روي معناه في الحديث ، و (قاصِراتُ الطَّرْفِ) : هنّ الحور ، قصرن ألحاظهنّ على أزواجهن : (لَمْ يَطْمِثْهُنَ) أي : لم يفتضّهنّ ؛ لأنّ الطّمث دم الفرج.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٦٠٤) برقم : (٣٣١٠٠) ، وذكره البغوي (٤ / ٢٧٤) ، وابن عطية (٥ / ٢٣٣) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٧٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٠٣) ، وعزاه لابن جرير.
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ٢٣٣)
(٣) ذكره البغوي (٤ / ٢٧٤) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٧٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٠٤) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن عكرمة عن ابن عبّاس رضي الله عنه.
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٢٣٣) ، و «البحر المحيط» (٨ / ١٩٥) ، و «الدر المصون» (٦ / ٢٤٦)