وقوله : (وَلا جَانٌ) قال مجاهد : الجن قد / تجامع نساء البشر مع أزواجهن (١) إذا لم يذكر الزوج اسم الله ، فنفى سبحانه في هذه الآية جميع المجامعات.
(كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٩) هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (٦٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)(٦١)
وقوله تعالى : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) الآية ، الياقوت والمرجان هي من الأشياء التي قد برع حسنها ، واستشعرت النفوس جلالتها ، فوقع التشبيه بها فيما يشبه ، ويحسن بهذه المشبّهات ، فالياقوت في املاسّه وشفوفه ، ولو أدخلت فيه سلكا ، لرأيته من ورائه ، وكذلك المرأة من نساء الجنة يرى مخّ ساقها من وراء العظم ، والمرجان في املاسّه وجمال منظره.
وقوله سبحانه : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) : آية وعد وبسط لنفوس جميع المؤمنين ؛ لأنّها عامّة ؛ قال ابن المنكدر ، وابن زيد ، وجماعة من أهل العلم (٢) : هي للبرّ والفاجر ، والمعنى : أنّ جزاء من أحسن بالطاعة أن يحسن إليه بالتنعيم ، وحكى النقّاش أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم فسّر هذه الآية : هل جزاء التّوحيد إلّا الجنّة (٣).
* ت* : ولو صحّ هذا الحديث ، لوجب الوقوف عنده ، ولكنّ الشأن في صحّته ، قال الفخر (٤) : قوله تعالى : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) فيه وجوه كثيرة ، حتّى قيل : إنّ في القرآن ثلاث آيات ، في كلّ واحدة منها مائة قول ، إحداها : قوله تعالى : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) [البقرة : ١٥٢] وثانيتها : (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) [الإسراء : ٨] وثالثتها : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) ولنذكر الأشهر منها والأقرب.
أما الأشهر فوجوه :
أحدها : هل جزاء التوحيد إلّا الجنّة ، أي : هل جزاء من قال : لا إله إلا الله إلّا دخول الجنّة.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٦٠٧) برقم : (٣٣١٢١) ، وذكره البغوي (٤ / ٢٧٥) ، وابن عطية (٥ / ٢٣٤)
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ٢٣٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٠٨) ، وعزاه لسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، والبخاري في «الأدب» ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن محمّد بن الحنفية.
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٠٧) ، وعزاه إلى الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» ، والبغوي في «تفسيره» ، والديلمي في «مسند الفردوس».
(٤) ينظر : «تفسير الفخر الرازي» (١٥ / ١١٥)