الفخر (١) : قال قتادة (٢) : ما من عبد إلّا وينادى يوم القيامة : يا فلان ، هذا نورك ، يا فلان ، لا نور لك ، نعوذ بالله من ذلك! واعلم أنّ العلم الذي هو نور البصيرة أولى بكونه نورا من نور البصر ، وإذا كان كذلك ظهر أنّ معرفة الله تعالى هي النور في القيامة ، فمقادير الأنوار يوم القيامة على حسب مقادير المعارف في الدنيا ، انتهى ، ونحوه للغزالي ، وخصّ تعالى بين الأيدي بالذكر ؛ لأنّه موضع حاجة الإنسان إلى النور ، واختلف في قوله تعالى : (وَبِأَيْمانِهِمْ) فقال بعض المتأولين : المعنى : وعن أيمانهم ، فكأنّه خصّ ذكر جهة اليمين ؛ تشريفا ، وناب ذلك مناب أن يقول : وفي جميع جهاتهم ، وقال جمهور المفسرين : المعنى : يسعى نورهم بين أيديهم ، يريد الضوء المنبسط من أصل النور ، (وَبِأَيْمانِهِمْ) : أصله ، والشيء الذي هو متّقد فيه ، فتضمن هذا القول أنّهم يحملون الأنوار ، وكونهم غير حاملين أكرم ؛ ألا ترى أنّ فضيلة عباد بن بشر وأسيد بن حضير إنّما كانت بنور لا يحملانه ، هذا في الدنيا ، فكيف بالآخرة؟! * ت* : وفيما قاله* ع (٣) * : عندي نظر ، وأيضا فأحوال الآخرة لا تقاس على أحوال الدنيا!.
وقوله تعالى : (بُشْراكُمُ) أي : يقال لهم : بشراكم (جَنَّاتٌ) أي دخول جنات.
* ت* : وقد جاءت ـ بحمد الله ـ آثار بتبشير هذه الأمّة المحمّديّة ، وخرّج ابن ماجه قال : أخبرنا جبارة بن المغلّس ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، عن أبي بردة ، عن أبيه قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «إذا جمع [الله] الخلائق يوم القيامة ، أذن لأمّة محمّد صلىاللهعليهوسلم في السّجود ، فسجدوا طويلا ، ثمّ يقال : ارفعوا رؤوسكم ، فقد جعلنا عدتكم فداءكم من النّار» (٤) ، قال ابن ماجه : وحدّثنا جبارة بن المغلّس ، حدثنا كثير بن سليمان : عن أنس بن مالك ، قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنّ هذه الأمّة أمّة مرحومة ، عذابها بأيديها ، فإذا كان يوم القيامة دفع إلى كلّ رجل من المسلمين رجل من المشركين فيقال : هذا فداؤك من
__________________
ـ مما يقال بالرأي ، وابن جرير (١١ / ٦٧٦) (٣٣٦١٦) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٥٠) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه.
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وتعقبه الذهبي ، وقال : بل على شرط البخاري فقط.
(١) ينظر : «تفسير الفخر الرازي» (٢٩ / ١٩٤) عن مجاهد.
(٢) ذكره ابن كثير في «تفسيره» عن جنادة بن أمية (٤ / ٣٠٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٥٠) ، وعزاه لابن المنذر عن يزيد بن شجرة.
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٢٦١)
(٤) أخرجه ابن ماجه (٢ / ١٤٣٤) ، كتاب «الزهد» باب : صفة محمّد صلىاللهعليهوسلم (٤٢٩١) ، قال البوصيري في «الزوائد» : هذا إسناد ضعيف لضعف جبارة بن المغلس.