النّار» (١) ، وفي «صحيح مسلم» : «دفع الله لكلّ مسلم يهوديّا أو نصرانيّا فيقول : هذا فداؤك من النار» انتهى من «التذكرة» (٢).
وقوله تعالى : (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ) قيل : (يَوْمَ) هو بدل من الأول ، وقيل : العامل فيه «اذكر» ، قال* ع (٣) * : ويظهر لي أنّ العامل فيه قوله تعالى : (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ويجيء معنى الفوز أفخم ؛ كأنّه يقول : إنّ المؤمنين يفوزون بالرحمة يوم يعتري المنافقين كذا وكذا ، لأنّ ظهور المرء يوم خمول عدوّه ومضادّه أبدع وأفخم ، وقول المنافقين هذه المقالة المحكية ، هو عند انطفاء أنوارهم ، كما ذكرنا قبل ، وقولهم : «انظرونا» معناه : انتظرونا ، وقرأ حمزة وحده (٤) : «أنظرونا» ـ بقطع الألف وكسر / الظاء ـ ومعناه أخّرونا ؛ ومنه : (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) ومعنى قولهم أخّرونا ، أي : أخّروا مشيكم لنا ؛ حتّى نلتحق فنقتبس من نوركم ، واقتبس الرجل : أخذ من نور غيره قبسا ، قال الفخر (٥) : القبس : الشعلة من النار والسراج ، والمنافقون طمعوا في شيء من أنوار المؤمنين ، وهذا منهم جهل ؛ لأنّ تلك الأنوار نتائج الأعمال الصالحة في الدنيا ، وهم لم يقدموها ، قال الحسن : يعطى يوم القيامة كلّ أحد نورا على قدر عمله ، ثم يؤخذ من حجر جهنم وممّا فيها من الكلاليب والحسك ويلقى على الطريق ، ثم تمضي زمرة من المؤمنين ، وجوههم كالقمر ليلة البدر ، ثم تمضي زمرة أخرى كأضواء كوكب في السماء ، ثم على ذلك ، ثم تغشاهم ظلمة تطفئ نور المنافقين ، فهنالك يقول المنافقون للذين آمنوا : (انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) ، انتهى.
وقوله تعالى : (قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ) يحتمل أن يكون من قول المؤمنين [لهم] ، [ويحتمل أن يكون من قول] (٦) الملائكة ، والقول لهم : (فَالْتَمِسُوا نُوراً) : هو على معنى
__________________
(١) أخرجه ابن ماجه (٢ / ١٤٣٤) ، كتاب «الزهد» باب : صفة أمة محمّد صلىاللهعليهوسلم (٤٢٩٢) ، وأحمد (٤ / ٤٠٨).
قال البوصيري في «الزوائد» : هذا إسناد ضعيف لضعف كثير وجبارة ، وقد أعله البخاري ، قد تقدم في الحديث الذي قبله.
(٢) ينظر : «التذكرة» للقرطبي (٢ / ٥٦٧ ـ ٥٦٨)
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٢٦١)
(٤) ينظر : «السبعة» (٦٢٦) ، و «الحجة» (٦ / ٢٦٩) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٣٥٠) ، و «حجة القراءات» (٦٩٩) ، و «العنوان» (١٨٦) ، و «شرح شعلة» (٥٩٨) ، و «شرح الطيبة» (٦ / ٣٩) ، و «إتحاف» (٢ / ٥٢١) ، و «معاني القراءات» (٣ / ٥٥)
(٥) ينظر : «الفخر الرازي» (٢٩ / ١٦٩)
(٦) سقط في : د.