تفسير سورة الحشر
وهي مدنيّة باتّفاق
وهي سورة بني النضير ؛ وذلك أنّهم كانوا عاهدوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم وهم يرون أنّه لا تردّ له راية ، فلمّا كان شأن أحد وما أكرم الله به المسلمين ، ارتابوا ، وداخلوا قريشا ، وغدروا ، فلما رجع النبيّ صلىاللهعليهوسلم من أحد حاصرهم حتى أجلاهم عن أرضهم ، فارتحلوا إلى بلاد مختلفة : خيبر ، والشام ، وغير ذلك ، ثم كان أمر بني قريظة مرجعة من الأحزاب.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ (٢) وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ (٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)(٤)
قوله تعالى : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الآية : تقدم الكلام في تسبيح الجمادات و (الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) : هم بنو النضير.
و [قوله] : (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) : قال الحسن بن أبي الحسن وغيره (١) : يريد حشر القيامة ، أي : هذا أوّله والقيام من القبور آخره ، وقال عكرمة وغيره (٢) : المعنى : / لأول موضع
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٥ / ٢٨٣)
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٢٨) ، برقم : (٣٣٨١٥) عن قتادة ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٨٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٧٧) ، وعزاه للبزار ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في «البعث» عن ابن عبّاس رضي الله عنهما.