تفسير سورة الممتحنة
وهي مدنيّة بإجماع
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ)(١)
قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ ...) الآية : المراد بالعدو هاهنا : كفّار قريش ، وسبب نزول هذه الآية حاطب بن أبي بلتعة ؛ وذلك أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم أراد الخروج إلى مكّة عام الحديبية.
* ت* : بل عام فتح مكّة ، فكتب حاطب إلى قوم من كفّار مكّة يخبرهم بقصد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يكن ذلك منه ارتدادا ، فنزل الوحي مخبرا بما صنع حاطب ، فبعث النبي صلىاللهعليهوسلم عليّا والزبير وثالثا ـ قيل هو المقداد ـ وقال : انطلقوا حتّى تأتوا روضة خاخ ، فإنّ بها ظغينة معها كتاب من حاطب إلى المشركين ، فخذوه منها ، وخلّوا سبيلها ، فانطلقوا حتّى وجدوا المرأة ، فقالوا لها : أخرجي الكتاب ، فقالت : ما معي كتاب! ففتشوا رحلها فما وجدوا شيئا فقال عليّ : ما كذب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولا كذّب ، والله ، لتخرجنّ الكتاب أو لتلقينّ الثّياب ، فقالت : أعرضوا عنّي ، فحلّته من قرون رأسها ، فجاؤوا به النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال لحاطب : من كتب هذا؟ فقال : أنا يا رسول الله ، فقال : ما حملك على ما صنعت؟ فقال : يا رسول الله ، لا تعجل عليّ فو الله ، ما كفرت منذ أسلمت ، وما / فعلت ذلك ارتدادا عن ديني ولا رغبة عنه ؛ ولكن لم يكن أحد من المهاجرين إلّا وله (١) بمكّة من يمنع عشيرته ، وكنت امرأ ملصقا فيهم ، وأهلي بين ظهرانيهم ، فخشيت عليهم فأردت أن أتّخذ عندهم
__________________
(١) في د : الأول.