تفسير سورة الصفّ
وهي مدنيّة في قول الجمهور وقيل : مكّيّة
والأوّل أصحّ : لأنّ معاني السّورة تعضده ويشبه أن يكون فيها المكّيّ والمدنيّ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ)(٣)
قوله تعالى : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) قد تقدّم تفسيره ، واختلف في السبب الذي نزلت فيه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) فقال ابن عبّاس وغيره : نزلت بسبب قوم قالوا : لو علمنا أحبّ العمل إلى الله تعالى لسارعنا إليه ، ففرض الله الجهاد وأعلمهم بفضله ؛ وأنّه يحبّ المقاتلين في سبيله كالبنيان المرصوص ، فكرهه قوم منهم ، وفرّوا يوم الغزو فعاتبهم الله تعالى بهذه الآية (١) ، وقال قتادة والضحاك : نزلت بسبب جماعة من شباب المسلمين كانوا يتحدّثون عن أنفسهم في الغزو بما لم يفعلوا (٢) ، قال* ع (٣) * : وحكم هذه الآية باق غابر الدهر ، وكلّ من يقول ما لا يفعل فهو ممقوت الكلام ، والقول الأول يترجّح بما يأتي [من أمر] (٤) الجهاد والقتال ، والمقت البغض ، من أجل ذنب ، أو ريبة ، أو دناءة يصنعها الممقوت ، وقول المرء
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٧٩) ، برقم : (٣٤٠٤٣) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٠١) ، وابن كثير (٤ / ٣٥٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣١٧) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن مردويه.
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٧٩) ، برقم : (٣٤٠٤٦) ، (٣٤٠٤٨) ، وذكره البغوي (٤ / ٣٣٧) ، وابن كثير (٤ / ٣٥٨)
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٣٠١)
(٤) في د : بأمر.