لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً)(١١)
وقوله سبحانه : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ...) الآية ، عدل بين الأزواج لئلا تضيع هي ولا يكلّف هو ما لا يطيق ، ثم رجّى تعالى باليسر تسهيلا على النفوس وتطييبا لها.
وقوله سبحانه : (وَكَأَيِّنْ) الثعلبي : وكأين ، أي : وكم من قرية ، (عَتَتْ) أي : عصت.
وقوله : (فَحاسَبْناها) قال* ع (١) * : قال بعض المتأولين : الآية في أحوال الآخرة ، أي : ثمّ هو الحساب والتعذيب والذوق وخسار العاقبة ، وقال آخرون : ذلك في الدنيا ، ومعنى (فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً) أي : لم تغتفر لهم زلّة ، بل أخذت بالدقائق من الذنوب ، ثم ندب تعالى أولي الألباب إلى التقوى تحذيرا.
وقوله تعالى : (قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً* رَسُولاً) اختلف في تقديره ، وأبين الأقوال فيه معنى أن يكون الذكر القرآن ، والرسول محمّدا صلىاللهعليهوسلم ، والمعنى وأرسل رسولا لكنّ الإيجاز اقتضى اختصار الفعل الناصب للرسول ؛ ونحا هذا المنحى السدي ، وسائر الآية بيّن (٢).
(اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً)(١٢)
وقوله سبحانه : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) لا خلاف بين العلماء أن السموات سبع وأمّا / الأرض فالجمهور : على أنها سبع أرضين ، وهو ظاهر هذه الآية ، وإنما المماثلة في العدد ، ويبيّنه قوله صلىاللهعليهوسلم في الحديث الصحيح : «من غصب شبرا من أرض طوّقه الله من سبع أرضين» ، إلى غير هذا مما وردت به الروايات ، وروي عن قوم من العلماء أنهم قالوا : الأرض واحدة وهي مماثلة لكلّ سماء بانفرادها في ارتفاع جرمها ، وفي أن فيها عالما يعبد الله كما في كلّ سماء عالم يعبد الله.
وقوله سبحانه : (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ) الأمر هنا يعمّ الوحي وجميع ما يأمر به سبحانه
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٣٢٧)
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ١٤٤) ، برقم : (٣٤٣٦٩) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٣٢٧)