تفسير سورة «المعارج»
[وهي] مكّيّة بلا خلاف
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (١) لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ (٢) مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ) (٣)
قوله عزوجل : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ) قرأ جمهور السبعة : (سَأَلَ) بهمزة محقّقة ، قالوا : والمعنى دعا داع ، والإشارة إلى من قال من قريش : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ ...) [الأنفال : ٣٢] الآية ، وقولهم : (عَجِّلْ لَنا قِطَّنا) [ص : ١٦] ونحو ذلك ، وقال بعضهم : المعنى بحث باحث واستفهم مستفهم ، قالوا : والإشارة إلى قول قريش : (مَتى هذَا الْوَعْدُ) [الملك : ٢٥] وما جرى مجراه ؛ قاله الحسن وقتادة ، والباء على هذا التأويل في قوله : (بِعَذابٍ) بمعنى «عن» وقرأ نافع وابن عامر (١) : «سأل سائل» ساكنة الألف ، واختلف القراء بها / فقال بعضهم : هي «سأل» المهموزة إلّا أنّ الهمزة سهّلت ، وقال بعضهم هي لغة من يقول : سلت أسال ويتساولان ، وهي لغة مشهورة ، وقال بعضهم في الآية : هي من سال يسيل إذا جرى ، وليست من معنى السؤال ، قال زيد بن ثابت وغيره : في جهنم واد يسمّى سائلا (٢) ؛ والإخبار هنا عنه ، وقرأ ابن عبّاس (٣) : «سال سيل» ـ بسكون الياء ـ وسؤال الكفار عن العذاب ـ حسب قراءة الجماعة ـ إنما كان على أنه كذب ، فوصفه الله تعالى بأنه واقع وعيدا لهم.
وقوله : (لِلْكافِرينَ) قال بعض النحاة : اللام بمعنى «على» ، وروي : أنه كذلك في
__________________
(١) ينظر : «السبعة» (٦٥٠) ، و «الحجة» (٦ / ٣١٧) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٣٨٩) ، و «حجة القراءات» (٧٢٠) ، و «معاني القراءات» (٣ / ٨٨) ، و «شرح الطيبة» (٦ / ٦٨) ، و «العنوان» (١٩٧) ، و «شرح شعلة» (٦٠٨). و «إتحاف» (٢ / ٥٦٠)
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ٣٦٤)
(٣) قال أبو الفتح : السيل هنا : الماء السائل ، وأصله المصدر ، من قولك : سال الماء سيلا ، إلا أنه أوقع على الفاعل ، كقوله : (إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً) [الملك : ٣٠] ، أي : غائرا.
ينظر : «المحتسب» (٢ / ٣٣٠) ، و «مختصر الشواذ» ص : (١٦٢) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٣٦٥)