تفسير سورة المدّثّر
وهي مكّيّة بإجماع
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)(٦)
قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ) الآية ، اختلف في أول ما نزل من القرآن ، فقال الجمهور هو : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) وهذا هو الأصحّ ، وقال جابر وجماعة هو : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (١) ، ـ ص ـ : والتّدثّر : لبس الدّثار ، وهو الثّوب الذي فوق الشعار ، والشعار الثّوب الذي يلي الجسد ؛ ومنه قوله : * ع* : «الأنصار شعار ، والناس دثار» انتهى.
وقوله تعالى : (قُمْ فَأَنْذِرْ) بعثة عامة إلى جميع الخلق.
(وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) أي : فعظم.
(وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) قال ابن زيد وجماعة : هو أمر بتطهير الثياب حقيقة (٢) ، وذهب الشافعيّ وغيره من هذه الآية إلى : وجوب غسل النجاسات من الثياب ، وقال الجمهور : هذه الألفاظ استعارة في تنقية الأفعال والنفس ، والعرض ، وهذا كما تقول : فلان طاهر الثوب ، ويقال للفاجر : دنس الثّوب ، قال ابن العربي في «أحكامه» : والذي يقول إنها الثياب المجازيّة أكثر ، وكثيرا ما تستعمله العرب ، قال أبو كبشة : [الطويل]
__________________
(١) أخرجه الطبري (١٢ / ٢٩٧) ، رقم : (٣٥٣٠٩) ، وذكره البغوي (٤ / ٤١٢ ، ٤١٣) ، وابن عطية (٥ / ٣٩٢) ، وابن كثير (٤ / ٤٤٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٥٠) ، وعزاه للطيالسي ، وعبد الرزاق ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وابن الضريس ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، وابن الأنباري في المصاحف.
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٣٠٠) ، رقم : (٣٥٣٣٧) ، وذكره البغوي (٤ / ٤١٣) ، وابن عطية (٥ / ٣٩٢) ، وابن كثير (٤ / ٤٤١) بنحوه.