تفسير سورة «الإنسان»
قيل : مكّيّة ، وقيل : مدنيّة
وقال الحسن وعكرمة : منها آية مكية (١) ، وهي [قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) والباقي مدنيّ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (١) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً (٢) إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (٣) إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً (٤) إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً)(٥)
[قوله تعالى : (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ ...) الآية ، (هَلْ) في كلام العرب قد تجيء] (٢) بمعنى قد ؛ حكاه سيبويه ، لكنها لا تخلو من تقرير ، وبابها المشهور الاستفهام المحض ، والتقرير أحيانا ؛ قال ابن عبّاس : «هل» بمعنى «قد» ، والإنسان يراد به آدم (٣) ، وقال أكثر المتأولين : «هل» تقرير ، الإنسان : اسم جنس ، أي : إذا تأمّل كلّ إنسان نفسه علم بأنّه قد مرّ حين من الدهر عظيم لم يكن فيه شيئا مذكورا ، وهذا هو القوي أنّ الإنسان اسم جنس ، وأنّ الآية جعلت عبرة لكل أحد من الناس ؛ ليعلم أنّ الخالق له قادر على إعادته.
ـ ص ـ : (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) في موضع حال من (الْإِنْسانِ) أو في موضع صفة ل (حِينٌ) والعائد عليه محذوف ، أي : لم يكن فيه ، انتهى.
وقوله تعالى : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ ...) الآية ، الإنسان هنا : اسم جنس بلا خلاف ، وأمشاج معناه : أخلاط ؛ قيل : هو (أَمْشاجٍ) ماء الرجل بماء المرأة ، ونقل الفخر أنّ
__________________
(١) ذكره البغوي (٤ / ٤٢٦) ، وابن عطية (٥ / ٤٠٨)
(٢) سقط في : د.
(٣) ذكره ابن عطية (٥ / ٤٠٨)