وقصورهم ، فهي تجري عند كلّ أحد منهم ، وردّ بهذا الأثر ، وقيل : عين في دار النبيّ صلىاللهعليهوسلم تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين ؛ قال* ع (١) * : وهذا قول حسن ، ثم وصف تعالى حال الأبرار فقال : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) أي : ممتدّا متّصلا شائعا.
وقوله تعالى : (عَلى حُبِّهِ) يحتمل أن يعود الضمير على الطعام ، وهو قول ابن عبّاس (٢) ، ويحتمل أن يعود على الله تعالى ؛ قاله أبو سليمان الدّارانيّ (٣).
وقوله : (وَأَسِيراً) قال الحسن : ما كان أسراهم إلّا مشركين ؛ لأنّ في كلّ ذي كبد رطبة أجرا(٤).
* ت* : وفي «العتبية» سئل مالك عن الأسير في هذه الآية أمسلم هو أم مشرك ، فقال : بل مشرك ، وكان ببدر أسارى ، فأنزلت فيهم هذه الآية ؛ فقال ابن رشد : والأظهر حمل الآية على كلّ أسير ، مسلما كان أو كافرا ، انتهى يعني : وإن كان سبب نزولها ما ذكر فهي عامّة في كلّ أسير إلى يوم القيامة ، وقال أبو سعيد الخدريّ : قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «(مِسْكِيناً) [قال :] فقيرا (وَيَتِيماً) قال : لا أب له (وَأَسِيراً) قال : المملوك والمسجون» (٥) ، وأسند القشيريّ في رسالته عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لكلّ شيء مفتاح ، ومفتاح الجنّة حبّ المساكين ، والفقراء الصبّر هم جلساء الله يوم القيامة» (٦) انتهى.
وروى الترمذيّ عن أنس أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «اللهمّ ، أحيني مسكينا ، وأمتني مسكينا ، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة ، فقالت عائشة : لم يا رسول الله؟! قال : إنّهم يدخلون الجنّة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا ، / يا عائشة ، لا تردّي المسكين ، ولو بشقّ تمرة ، يا عائشة ، أحبّي المساكين وقرّبيهم ، فإنّ الله يقرّبك يوم القيامة». قال أبو عيسى : هذا حديث غريب (٧) ، انتهى.
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٤١٠)
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ٤١٠)
(٣) ذكره ابن عطية (٥ / ٤١٠)
(٤) أخرجه الطبري (١٢ / ٣٦٠) ، رقم (٣٥٧٨٢) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٢٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨٤) ، وعزاه لسعيد بن المنصور ، وابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن مردويه عن الحسن بنحوه.
(٥) ينظر : «الدر المنثور» (٦ / ٤٨٥)
(٦) ينظر : «كنز العمال» (٦ / ٤٦٩) ، رقم : (١٦٥٨٧)
(٧) أخرجه الترمذي (٤ / ٥٧٧ ، ٥٧٨) ، كتاب «الزهد» باب : ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل ـ